معنى اصالة عدم النسخ ، يترتب على ضوء كل مسلك منها صياغة خاصة للاستشكال.
المسلك الأول : هو أن يقال : إن النسخ تخصيص وتقييد في الأزمان ، فإنّ الدليل كما يمكن تخصيصه بحسب الأفراد ، يمكن تخصيصه بحسب الأزمان أيضا ، فالنسخ تصرف في الدليل في عالم الكلام ، لا في عالم ما وراء الكلام ، إذ وراء الكلام لا نسخ أصلا ، لأنّ الحكم في عالم الجعل من أول الأمر يكون مجعولا مقيدا بزمان مخصوص ، وحينما ينتهي هذا الزمان المخصوص ينتهي موضوع الحكم بحسب الحقيقة ، لا انّ هناك حكم ثابت ويرفع ، هذا بحسب عالم الثبوت ، لكن بحسب عالم الإثبات ولسان الدليل ، فإنّ الدليل ظاهر في العموم الأزماني ، أي إنّ المجعول لم يؤخذ فيه زمان دون زمان ، إذن فيشمل كل الأزمنة ، بخلاف التخصيص ، فإنه يؤخذ فيه فرد دون فرد ، وهكذا يكون النسخ والتخصيص كلاهما تصرف في عالم الإثبات ، أي رفع اليد عن إطلاق الدليل ، لكن الأول بلحاظ الأزمان ، والثاني بلحاظ الأفراد.
وعليه : فالنسخ والتخصيص روحهما شيء واحد ، لكن أحدهما تصرف في عامود الزمان ، والآخر تصرف في الأفراد.
وبناء على هذا المسلك ، يكون معنى اصالة عدم النسخ ، عبارة عن اصالة الإطلاق والعموم في المجعول بلحاظ الزمان ، فكما نتمسك باصالة الإطلاق والعموم بلحاظ الأفراد ، فيما إذا شك في انّ التوارث بين المهاجرين والأنصار هل يختص بخصوص الشيوخ منهم ، أو انّه يعمّ الشباب أيضا ، كذلك نتمسك باصالة الإطلاق في دليل التوارث ، لو شككنا في انّ هذا الدليل هل يشمل تمام الأزمنة أو بعضها.
وبعد اتّضاح أنّ النسخ تصرف في مقام الإثبات ، يكون معنى هذا الأصل إذن ، هو ، اصالة الإطلاق.
وبناء على انّ اصالة عدم النسخ معناها ذلك ، حينئذ ، يكون التعارض