نعم ، يمكن إثبات اصالة عدم النسخ باستصحاب بقاء الجعل ، فإنّ الجعل له بقاء واستمرار عقلائي ، وحينئذ ، إذا شك في بقائه ، فإنه يجري استصحاب بقائه ، وهذا أصل عملي لا لفظي.
وهكذا ، تصبح اصالة عدم النسخ أصلا عمليا وليست أصلا لفظيا ، غاية الأمر ، انّ هذا الاستصحاب بالخصوص لا يتوقف على تماميّة صحيحة زرارة في الاستصحاب ، بل هذا الاستصحاب هو مورد إجماع المسلمين وقبل صحيحة زرارة.
وبناء على هذا المسلك ، تكون صياغة الإشكال أوضح حيث يقال : إنّه بعد أن تبيّن انّ اصالة عدم النسخ أصل عملي ، واصالة عدم التخصيص أصل لفظي ، ومع التعارض لا بدّ من تقديم الأصل اللفظي ـ أي اصالة عدم التخصيص ـ على الأصل العملي ـ أي على اصالة عدم النسخ ، فكيف ذهبتم إلى تقديم اصالة عدم النسخ؟
المسلك الثالث : هو أن يقال : إنّ حقيقة النسخ هي ما ذكرناه في المسلك الثاني حرفا بحرف ، لكن يضاف هنا فيقال : إنّ اصالة عدم النسخ ليست أصلا عمليا ، كما انّها ليست اصالة الإطلاق ، بل مرجع اصالة عدم النسخ إلى ظهور معتبر وحجة معتبرة عند العقلاء ، وذلك انّ هذا المولى ـ لإنسان ـ الذي نتكلم عنه ، يختلف نسخه عن نسخ غيره من الناس ، فإنه سنخ مولى وإن كان يعمل كما يعمل الناس والموالي العرفيين من جعل الحكم على نهج القضية الحقيقية بنحو يشمل تمام الأزمنة ، لكن هو يعلم انّ إطلاق هذا الجعل للأزمنة المتأخرة ، سوف يرفع اليد عنه.
وهذا معناه : إن جعل الحكم بلحاظ الزمان المتأخر إنّما كان لمجرد الاستطراق إلى مصلحة في جعل هذا العام ، إذن ، وبناء على هذا ، فالشك في النسخ ، مرجعه إلى الشك في إنّ إطلاق الجعل ثبوتا هل هو جدّي أم استطراقي إلى مصلحة في نفس الظهور؟
وهنا يدّعى وجود ظهور عرفي عقلائي في جدّية الجعل ، بمعنى انّ