حينئذ هي عبارة عن اصالة عدم التخصيص وان المراد من الكلام هو العام ، واصالة الظهور في العام هي عبارة عن اصالة عدم النسخ وانّ المراد من الكلام هو الخاص ، وحينئذ ، يقع التعارض ، وبما أنّه تعارض في المرتبة الأولى في تعيين مفاد هذا المراد الجدّي ، فلا بدّ من إعمال الجمع العرفي بينهما في هذه المرتبة.
وقد عرفت في التقريب الأول ، أنّ الجمع العرفي بينهما بلحاظ هذه المرتبة إنّما يكون بحمل العام على الخاص وتخصيصه به ، وبهذا يثبت وجوب تقديم اصالة عدم النسخ على اصالة عدم التخصيص ، فإنّ الجمع في هذه المرتبة مفاده إسقاط اصالة عدم التخصيص ، كما عرفت في التقريب الأول ، وبهذا استطاع العراقي أن يصل إلى نفس النتيجة مع عكس الصياغة.
وهذا التقريب غير تام ، وذلك لأنّ التعارض لم ينشأ من إجراء الأصل في كل منهما في المرتبة الأولى فقط ، وإنّما نشأ من إجراء الأصل في كلّ منهما في المرتبتين ، إذ أجرى الأصل في كلّ من الدليلين أولا ، في المرتبة الثانية ، ثم أجري ثانيا في المرتبة الأولى ، وبعد ذلك حصل التعارض ، وحينئذ ، كما يمكن الجمع بينهما بلحاظ المرتبة الأولى المقتضية لإسقاط اصالة عدم التخصيص ، كذلك يمكن الجمع بينهما بلحاظ المرتبة الثانية المقتضية لإسقاط اصالة عدم النسخ.
وإن شئت قلت : إنّ هذا التقريب غير تام ، لأنّه لو فرض انّ هذه الصياغة صحيحة ، لكن التعارض الناشئ من إعمال الظهور في المرتبة الأولى نشأ من مجموع الأصلين لا من خصوص الأصل الثاني أو الأول ، فكلّ من الأصلين كان جزء العلّة للتعارض ، وإلّا فمن الواضح أنّه لو كان الأصل الأول قد أجري وحده في المرتبة الأولى ، لجرى ولم يحدث التعارض ، وكذا لو جرى هكذا في المرتبة الثانية لجرى وحده بدون معارضة ، إذن فالتعارض نشأ من ضمّ كل من الأصلين إلى الآخر في كل من الطرفين ، فالتعارض بين مجموع الأصلين هنا ، ومجموعهما هناك ، ففي كلّ من