ناسخا ، وإنّما يتعيّن التخصيص لو كان الخاص مقارنا أو متأخرا عن العام ، وحيث لم نحرز قرينيّة الخاص هنا على العام ، إذن لا بدّ من إحراز أيّهما المتقدّم على الآخر ، وحينئذ ، فهنا طريقان ، الأول : هو الرجوع إلى تواريخ نزول الآية ، والثاني هو : الرجوع إلى الروايات عن الأئمة عليهمالسلام الواردة في الآية ، وحينئذ ، إذا رجعنا إلى الأول ، فالظاهر أنّ الخاص متأخر ، لأنّ العام جاء في سورة البقرة والممتحنة وكلتاهما مدنية ، بينما ورد الخاص في سورة المائدة وهي آخر ما نزل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبمقتضى هذا الحساب يثبت جواز نكاح الكتابية ، لكن لو لاحظنا الطريق الثاني ، لرأينا أنّ هناك روايات مقيدة تنسب إلى الإمام عليهالسلام إنّه قال : إنّ آية (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ... (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ...) حل لكم ، هي منسوخة بالعام ، وهذا معناه ، انّ هذه الآية بالخصوص في المائدة ، كانت قد نزلت قبل ذلك ، ومنه يعرف الحال في الشقّ الثاني وهو ، ما إذا كان الخاص متأخّرا ، فإنّه في المورد الذي بنينا فيه على التخصيص هناك ، نبني فيه هنا عليه ، لأنّ الخاص والعام ينظران إلى نقطة زمنية واحدة.
وأمّا لو كان كلّ منهما ناظرا إلى نقطة زمنية خاصة به ، فهل يكون حكم العام ثابتا أمّ لا؟ وهنا جلّ ما تقدم من الوجوه لا يكون مفيدا.
والخلاصة هي : أنّه بناء على مذهب المشهور من تقديم التخصيص مطلقا. فإنّ العام يخصص هنا ، وأمّا بناء على التفصيل المختار ، فحينئذ ، إن كان الخاص مقارنا للعام أو متأخّرا عنه فلا إشكال في الحمل على التخصيص ، وإن كان متقدما عليه ، فحينئذ يدور الأمر بين النسخ والتخصيص ، ولا وجه لتقديم أحدهما إلّا بقرينة لورودهما في زمن التشريع ، هذا تمام الكلام في الحالة الأولى.
وأمّا الحالة الثانية ، وهي دوران الأمر بين كون الدليل مخصصا للآخر أو ناسخا له كما لو ورد عام ثم ورد خاص ، ودار أمر الخاص بين كونه مخصصا أو ناسخا للعام فإنّه حينئذ إن فرض أنّ نظر كل من الدليلين إلى نقطة زمنية واحدة فلا إشكال في كون الخاص مخصصا للعام ، وإن فرض أنّ كلّا