وكذلك يقال في البداء بالنسبة للتكوينيات ، فتبدل حالة الإنسان إلى حالة أخرى مثلا ليس فيها تناقض ، وذلك لتعدد الزمان.
وهذا الحلّ معقول ، وهناك بعض الروايات صريحة في هذا المعنى.
إلّا انّ هذا الحلّ يفترض وجود تغيير وتبديل في البداء لكن في المعلوم ، وهذا التغيير هو الأصل الموضوعي في اصل الإشكال على البداء ، إلّا أنّ التحقيق هو عدم تمامية هذا الأصل الموضوعي.
حيث أنّه لم يؤخذ في البداء معنى التغيير والتبديل والعدول ، بل أخذ فيه معنى الحدوث ، فحينما يقال مثلا : «أدع بما بدا لك ، أو سل عمّا بدا لك» لا يقصد به الدعاء والسؤال عمّا ظهر له بعد أن كان ثابتا خلافه كما افترض في الأصل الموضوعي للإشكال ، بل معناه أدع بما حدث في نفسك وظهر ، وسلّ عمّا حدث في نفسك.
إذن ، فكلمة «البداء» ، بقطع النظر عن القرائن ، لا تعطي أكثر من معنى الظهور ، وقد جاءت كلمة البداء بهذا المعنى في بعض الروايات الواردة في صحيح مسلم والبخاري ومسند أحمد بن حنبل وصحيح الترمذي. وتفسير الطبري وطبقات ابن سعد والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن والرازي في تفسيره والزمخشري في كشافه والإمام القشيري في لطائف الإشارات وابن عربي في رسائله إلى الرازي والسيوطي في الدر المنثور ، والحاكم في المستدرك ، والتاج (١) ، غاية الأمر أنّه يلزم من ذلك أنّ إرادة الله تعالى حادثة ، وهذا أمر مسلم عند الإمامية. لأنّ الإرادة من صفات الفعل لا الذات ، وقد دلّت على
__________________
(١) صحيح مسلم ج ١٧ ـ ١٨ ص ٦٣ ـ ٨٣ ـ ٣١٨ ـ ٣٢٨. الجامع الصحيح ـ البخاري ـ ج ٤ ص ١١٢ ـ ج ٢ ص ٢٩٥ ـ ٣٣٨ ـ ٢١١ ـ صحيح الترمذي ج ٢ ص ١٣ ، البخاري ج ٢ ص ١٩٤ ـ ١٩٥ ـ تفسير الطبري ج ١٦ ص ٤٧٧ ـ ٤٨١ ، طبقات ابن سعد ج ٣ ص ٥٧٤ ـ الجامع لأحكام القرآن ـ القرطبي ج ٩ ص ٣٣٩ ، تفسير الرازي ج ١٩ ص ٦٤ ـ ٦٥. الكشاف ـ الزمخشري ج ٣ ص ٥٣٤. لطائف الإشارات ـ القشري ج ٣ ص ٢٣٤ رسائل ابن عربي ص ١٠٠. الدر المنثور ج ٤ ص ٦٦ ـ المستدرك ج ١ ص ٤٩٣ ـ التاج ج ٥ ص ١١١.