الفصل الأول :
في اسم الجنس
وبما أنّ اسم الجنس موضوع لمعنى كلّي ، يلحظ تارة مطلقا ، وأخرى مقيدا ، فقد وقع الكلام ، في أنّ اسم الجنس ، هل هو موضوع للمعنى الكلّي المطلق بالخصوص ، بحيث يكون استعماله في المقيد مجازا ، أم أنّه موضوع للجامع بين المطلق والمقيد ، فيكون استعماله في كلّ منهما حقيقة؟
فعلى الأول ، تكون دلالته على الإطلاق وضعية ، وعلى الثاني ، لا يكون اللفظ بنفسه دالّا على الإطلاق بالوضع ، وإنّما تكون دلالته عليه بواسطة تأسيس قرينة عامة دالّة على الإطلاق تسمّى بمقدمات الحكمة.
ولتوضيح الحال ، ذكر الأصولين مقدمة تمهيدية لذلك تسمّى باعتبارات الماهية ، كي يعرف أنّ أسماء الأجناس على أيّ اعتبار منها مبنية.
فنقول : إنّ الماهية لها اعتبارات ، إذ أنّها تارة تؤخذ على نحو تلحظ بشرط شيء ، وأخرى تلحظ بشرط لا ، وثالثة تلحظ لا بشرط. فمثلا : الإنسان ، إن لوحظ بالنسبة إلى العلم ، فتارة يقيّد به ، وحينئذ ، يكون بشرط شيء ، وأخرى ، يقيد بعدمه ، وحينئذ ، يكون بشرط لا ، وثالثة ، لا يقيّد به ولا بعدمه ، فيكون لا بشرط.
ونحن لو دقّقنا النظر في ذات الملحوظ في هذه الاعتبارات ، بقطع النظر عن تعلّق اللحاظ بذلك الملحوظ ، نجد أنّه لا تقابل ذاتي بينها ، وليس هناك