وقد يقال : إنّ العناية هنا ثابتة على كلّ حال ، لأنّه بعد استعمال اللفظ في المقيّد تنثلم مقدمات الحكمة ، وهذا يوجب العناية ، ومعه كيف يستكشف عدم الوضع للمطلق من عدم العناية ، مع أنّ العناية ثابتة على كل حال.
وجواب ذلك : إنّه في موارد عدم تماميّة مقدمات الحكمة ، ـ كما لو كان المتكلّم في مقام الإهمال والإجمال ـ ففي هذه الموارد ، لا نشعر بالعناية في موارد استعمال اسم الجنس مع القيد كما يشهد به الوجدان. وهذا يكشف عن عدم أخذ الإطلاق قيدا في الموضوع له ، أي أنّه لو كان موضوعا للمطلق لكان فيه عناية المجاز.
بقي شيء وهو ، انّه وقع الخلاف بينهم ، في أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد الثبوتيين من أيّ أنواع التقابل؟ فذهب بعضهم (١) إلى أنّه من تقابل المتضادين ، وذهب الميرزا (٢) (قده) إلى أنّه من تقابل العدم والملكة ، وذهب ثالث إلى أنّه من تقابل التناقض.
أمّا القول الأول : فهو مبني على أنّ كلّا من الإطلاق والتقييد أمر وجودي ، وأنّ الإطلاق عبارة عن لحاظ عدم القيد ، وأنّ التقييد عبارة عن لحاظ القيد.
وقد عرفت فيما سبق ، بطلان هذا الكلام ، لأنّ الماهية المطلقة المسمّاة باللابشرط المقسمي ليست لحاظ الماهيّة ولحاظ عدم القيد ، بل هي لحاظ الماهيّة مع عدم لحاظ القيد ، وكم فرق بينهما.
وأمّا القول الثاني : ففيه خلط بين مقام الثبوت ومقام الإثبات ، إذ في مقام الإثبات ودلالة الكلام يقال : إنّ دلالة الكلام على الإطلاق إنّما هو ببركة مقدمات الحكمة ، وهذا يعني ، أنّ المولى لو أراد المقيد لبيّن ، وحيث انّه لم يبيّن ، فهذا معناه ، إنّه يريد المطلق.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ج ١ ـ ص ٥٢٠.
(٢) أجود التقريرات ـ الخوئي ـ ج ١ ـ ص ٥٢٠.