وقد يقال : بأنّه ما الفرق بحسب النتيجة بين كون الإطلاق ثابتا في الصورة الذهنية ، وبين كونه مدلولا للكلام؟.
فنقول : الفرق هو ، انّ الإطلاق إذا كان مدلولا للكلام فإنّه حينئذ يصحّ أن يؤخذ المتكلّم به ويدان به ، لأنّه يصبح مدلولا تصوريّا لكلامه ، وباصالة التطابق بين المدلول التصوري والتصديقي ، نثبت أنّ المتكلم أراد الإطلاق تصديقا فيدان به حينئذ.
وأمّا إذا فرضنا أنّ الإطلاق ليس داخلا في مدلول كلامه ، وإنّما هو صفة واقعة وثابتة في ذهن السامع فقط ، فمن الواضح حينئذ ، انّ هذه الصفة ليس لها أيّ كشف عن مراد المتكلم ، لأنّ ما له الكشف عن المراد هو ما يكون داخلا في مدلول كلامه التصوري ، بعد ضمّ اصالة التطابق إليه ، والإطلاق المذكور ، لا دخل له في كلامه ، وأمّا إذا كان تابعا لقانون فلسفي ، فأيّ ربط له بذهنيّة المتكلم؟.
وهذا المسلك هو روح المقدمات التي رتّبوها وسمّوها «مقدمات الحكمة» ، حيث أنّ مرجع المقدمة الأولى منها إلى ذلك الظهور الحالي السياقي الذي هو أساس الدلالة ، وهي «كون المتكلم في مقام البيان» ويكون مرجع المقدمة الثانية منها ـ وهي «عدم نصب القرينة على التقييد» ـ إلى تتميم الدلالة الالتزامية ، لأنّه من الواضح أنّ المتكلم لو كان قد نصب قرينة على التقييد لما لزم الخلف من إرادة المقيّد ، وإنّما يلزم الخلف لو لم ينصبها عليه ، ومع هذا أراده.
إذن فالمقدمة الثانية دخيلة في تكوين الدلالة الالتزامية.
٢ ـ المسلك الثاني : هو أن يقال : إنّ عدم ذكر القيد بنفسه يدلّ بالمطابقة على الإطلاق ، دون أن نسند الإطلاق إلى الظهور الحالي السياقي الذي يدلّ عليه بالالتزام ، ولهذا تقريبان.
١ ـ التقريب الأول : هو أن يلتزم بأنّ اسم الجنس له وضعان :