العالم الأول : هو عالم تقرير نفس القضية ، كقضية كقضية حقيقية شرطية.
العالم الثاني : هو عالم فعليّة هذا المحمول في هذه القضية بتبع فعليّة الموضوع.
ففي المرحلة الأولى : يكون المحمول ثابتا ثبوتا تقديريا تبعا لتقديريّة موضوعه ، على نهج القضية الشرطية ، وهذا الترابط بين المحمول والموضوع في هذه المرحلة الثانية ، يؤدّي إلى الترابط في عالم الفعليّة ، فإذا فرض تحقّق الموضوع المقدّر الوجود خارجا وصيرورته فعليا ، صار المحمول فعلي الوجود أيضا.
وهذه القضية بحسب العالم الأول ، هي قضية واحدة لوحدة التقدير ، ولكن بحسب العالم الثاني ، تكون انحلاليّة متكثّرة ، لأنّ هذا الموضوع المقدّر الوجود يكون في الخارج فعليّا بفعليات كثيرة ، ونسبة هذه الفعليات كلّها إلى هذا التقدير في المرحلة الأولى على حدّ واحد.
إذن ، ففي عالم الفعليّة ـ العالم الثاني ـ تكون هناك قضايا متعددة بعدد فعليات الموضوع المقدّر الوجود ، بخلاف العالم الأول ، إذ في هذا العالم هناك قضية واحدة ، هذا هو طبيعة القضية الحقيقية الشرطية.
وحينئذ ، إذا أردنا أن نطبّق هذه الطبيعة على علاقة الحكم بموضوعه في قضية «أكرم العالم» ، نقول : إنّ غاية ما تثبته مقدمات الحكمة ، هو ، أنّ موضوع وجوب الإكرام في عالم الجعل الذي هو عالم عقد هذه القضية ، هو الطبيعة بلا قيد زائد ، وعليه فالشموليّة ليست مفادا لا لمقدمات الحكمة ، ولا لأيّ قرينة أخرى تضاف إلى مقدمات الحكمة في «أكرم العالم» ، وذلك لأنّ مقدمات الحكمة أو أيّ قرينة أخرى هي ، في الحقيقة دخيلة في تعيين مفاد الدليل ، ومفاد الدليل هو الجعل لا المجعول ، والشمولية أجنبية عن عالم الجعل ، لأنّه في عالم الجعل وعقد القضية ليس هناك شمولية وكثرة ، بل هناك حكم واحد وموضوع واحد مقدّر الوجود ، لكن حيث أنّ الحكم بالنسبة إلى موضوعه يشكّل قضية حقيقية شرطية ، إذن فهناك وراء عالم عقد القضية الذي هو ، عالم الجعل ، عالم فعليّة القضية ـ أي عالم المجعول ـ.