الصورة الثانية : هي ان لا يكون هناك نظر وشرح ، لكن المقيّد مخالفا للمطلق في السلب والإيجاب ، كما لو قال : «أكرم كل عالم» ، والمقيّد يقول : «لا يجب إكرام العلماء النحويين» ، ولا إشكال حينئذ في المعارضة بينهما أيضا ، إمّا بلا حاجة إلى ضمّ استحالة اجتماع الأمر والنهي ، وإمّا مع ضمّها.
الصورة الثالثة : هي أن لا يكون المقيّد ناظرا إلى المطلق وشارحا له ، وغير مخالف له في السلب والإيجاب ، وحينئذ ، هذه الصورة فيها فروض.
الفرض الأول : هو ان يكون كل من المطلق والمقيّد شموليا سالبا ، كما لو قال : «لا يجب إكرام العالم» ، ثم قال : «لا يجب إكرام العالم العادل» ، فهنا لا تعارض ولا منافاة بينهما ، لأنّ الأول يلائم الثاني.
الفرض الثاني : هو ان يكون كلاهما شموليا ومثبتا ، كما لو قال : «أكرم العالم» ، وورد ، «أكرم العالم العادل» ، وهنا إن لم نقل بمفهوم الوصف ، إذن فلا تعارض بينهما ، وأمّا إذا قلنا بمفهوم الوصف ولو بنحو الموجبة الجزئية ، فهذا يدلّ على انّ العالم على الإطلاق ليس موضوعا للحكم ، وإلّا كان أخذه مستدركا ، وحينئذ يقع التعارض بينهما.
الفرض الثالث : هو أن يكون كل من المطلق والمقيّد غير شموليين ، بل بدليّين ، كما لو قال : «أعتق رقبة ، وأعتق رقبة مؤمنة» ، فهنا : إن أحرزنا وحدة الحكم ، فلا إشكال في التعارض بينهما ، لأنّ الحكم الواحد لا يمكن أن يكون مطلقا ومقيدا ، وإن لم نحرز وحدة الحكم ، فلا موجب للتعارض بينهما ، وهذا كلّه لا إشكال فيه ، ولكن وقع النزاع والكلام في انّه كيف تحرز وحدة الحكم؟.
ذهب المشهور ووافقهم صاحب الكفاية (قده) إلى انّه لا يمكن إحراز وحدة الحكم من نفس المطلق والمقيّد ، وإنّما يمكن ذلك بواسطة دليل من الخارج ، كالإجماع ونحوه ، وعليه : فإذا ورد مطلق ومقيّد كذلك ، ولم يقم دليل من الخارج على وحدة الحكم فيهما ، فإنّه حينئذ نعمل بهما معا ولا تعارض بينهما.