الدليل المهدوم لأنّه ليس حاكما عليه ليكون معينا لمفاده بالتفسير ، لكنه بدلالته الالتزامية يعيّن مفاد الدليل المهدوم ، لأنّه يثبت بالالتزام أنّ مفاد افعل ليس هو الوجوب ، إذ لو كان مفاده الوجوب لكان تقية ، ونحن نقطع بعدمها حسب الفرض ، إذن فلازم نفي الوجوب في الدليل الهادم ، مع قطعنا بعدم التقية ، هو أن يكون مفاد افعل غير الوجوب ، وهذا معنى تعيين مفاد افعل بالدلالة الالتزامية للدليل الهادم محضا ، ولكن هذا يتمّ فيما لو كان غير الوجوب منحصرا في معنى واحد فإنّه حينئذ يتعيّن غير الوجوب بالدلالة الالتزامية للدليل الهادم.
أمّا إذا فرض أنّ غير الوجوب كان أكثر من معنى ولم يكن هناك ظهور طولي يعيّن واحدا بعينه في مقابل الباقي ، فحينئذ ، غاية ما يثبت بالدلالة الالتزامية للهادم هو أحد المعنيين الآخرين دون ترجيح لأحدهما على الآخر ، وحينئذ ، إن كان هناك أثر مشترك بين المعنيين يترتّب خارجا ، فإنّه يثبت ، هذا كلّه إذا كانت اصالة الجهة قطعية في المهدوم.
وأمّا إذا كانت اصالة الجهة في الدليل المجمل ظنية ، أي أنّ التقيّة كانت محتملة ، فحينئذ ، الدليل الهادم بدلالته الالتزامية لا يعيّن غير الوجوب ، لأنّه غاية ما يدلّ عليه هو ، أنّ الوجوب ليس بمراد جدّي ، وحينئذ ، لعلّه أريد غير الوجوب ، ولعلّه أريد الوجوب تقية ، فنحتاج حينئذ إلى ضمّ اصالة الجهة ليتعيّن مفاد الدليل المهدوم.
٥ ـ الطريق الخامس : هو أن يتعيّن مفاد الدليل المهدوم بضمّ اصالة الجهة وذلك ، فيما إذا كانت الجهة ظنيّة لا قطعيّة ، فلو ورد عندنا «صلّ صلاة الليل» ، ثم ورد ما يدلّ على نفي الوجوب ، حينئذ ، يقال : إمّا أن يراد من «صلّ صلاة الليل» ، الوجوب جدّا ، أو الوجوب تقيّة ، أو الاستحباب.
أمّا الأول : وهو إرادة الوجوب جدا ، فهو خلاف الدليل الهادم ، إذ المفروض أنّه أقوى.
وأمّا الثاني : وهو إرادة الوجوب تقيّة ، فهو خلاف اصالة الجهة ، لأنّ