وبعض المفاهيم ليس كذلك ، كمفهوم الجزئي ، فإنّه ليس جزئيا ، أي ليس مصداقا لنفسه.
وعند ما لا يكون ذلك العنوان الكلّي مصداقا بنفسه لنفسه ، فاللفظ الموضوع له ، يجب استعماله في الأفراد ولا يجوز استعماله في الكلّي ، لأنّ اللفظ وضع لأفراده ، وهو ليس من أفراد نفسه ، ومثاله ، «الحرف» ، فإنّه موضوع «للنسبة» ، بالوضع العام والموضوع له الخاص ، ونفس مفهوم «النسبة» ليس مصداقا بنفسه لنفسه ، ولذا نعبّر عنه «بالاسم» ، فكلمة «في» لا يصحّ استعمالها في مفهوم «النسبة الظرفية» لأنها موضوعة لأفرادها ، ونفس النسبة الظرفيّة ليست من أفراد نفسها.
وأمّا إذا كان ذلك العنوان الكلّي مصداقا بنفسه لنفسه ، كما لو وضعنا لفظا للكلّيات بتوسط الكلي ، فبما أنّ الكلّي هو أحد الكليّات ، فحينئذ ، يصح استعمال اللفظ في نفس مفهوم الكلّي.
ومن هنا نخلص إلى قاعدة مفادها : إنّه في موارد القسم الثالث من الوضع لا بدّ من تصور عنوان كلي يشير به الواضع إلى الأفراد ، وهذا العنوان ، إن كان بنفسه فردا لنفسه ، فإنّه يصح حينئذ استعمال اللفظ الموضوع فيه ، بل يكون هو المنصرف من اللفظ ، باعتبار أنّ العلقة الوضعيّة وإن تحققت في غيره من الأفراد ، لكنّها في هذا الفرد لها وجه تأكد في الجملة ، وهي به أحق ، وإلّا لم يصح.
وإذا أردنا تطبيق ذلك في المقام نقول : إنّه لو سلّمنا أنّ هيئة الجمع موضوعة بنحو الوضع العام والموضوع له الخاص ، فإنّ الواضع احتاج عند الوضع إلى تصور مفهوم كلّي يشير به إلى الكثرات المتعدّدة ، وهذا المفهوم ، هو نفس مفهوم الجمع والكثرة ، ومفهوم الجمع ، جمع ، أي إنّه يصح استعمال اللفظ الموضوع فيه ، لأنّه يصح أن يكون مصداقا بنفسه لنفسه ، بل يكون هو المنصرف من اللفظ ، وحينئذ ، فإذا قيل «أكرم العلماء» ، يحمل ذلك على كلّي الجمع ، لأنّه أحد أفراد نفسه التي وضع اللفظ لها ، وحينئذ لا مانع