٢ ـ الصيغة الثانية : هي أنه ـ بعد التسليم والعلم بحجية العام المخصّص في تمام الباقي بعد التخصيص للسيرة العقلائية ـ يبحث عن كيفية تخريج هذه الحجية فنيا وبيان نكتتها ، وأنه كيف بنى العقلاء على حجية ذلك ، مع أنه ليس عندهم قرارات وتعبدات محضة ، وإنّما تثبت الحجية ببناء العقلاء ، من باب الظهور الراجع إلى اصالة الحقيقة ، والمفروض انثلام الحقيقة بالتخصيص ، حيث لم يرد بالعام الاستغراق.
إذن ، فكيف بنى العقلاء على إرادة تمام الباقي من العام وحجيته فيه.
أمّا في حل الصيغة الأولى ، فينبغي أن نرجع إلى العقلاء ، لنرى هل أنهم بنوا على الحجية أم لا ، ونتبعهم في ذلك ، فإذا عرفنا أنهم بنوا على الحجية ، ننتقل حينئذ إلى حل الصيغة الثانية ، حيث نبحث عن التخريج الفني لهذه الحجية.
وفي مقام الجواب عن هذا الإشكال ، ذكرت عدة محاولات لحل هذه المشكلة ، وبعضها يصلح لحل كلتا الصيغتين ، وبعضها يصلح لحل إحداهما فقط.
١ ـ المحاولة الأولى : هي أن يقال فيها : بأنّ هذه المشكلة غير واردة في المقام ، لأنه لا تخصيص أصلا ، إذ التخصيص المفروض ، يرجع بحسب الحقيقة إلى التخصّص ، وهذا معناه ، أنّ غاية ما يفيده ذلك المخصّص هو ، تضييق دائرة العام ، أي المدخول من أول الأمر.
وقد ذكرنا سابقا خروج مثل هذا عن هذه المشكلة كما في قوله : «أكرم كلّ عالم عادل» ، فإنّ العام فيه انعقد ضيقا من أول الأمر.
وهذه المحاولة لها عدة تقريبات.
١ ـ التقريب الأول : هو أنّ أداة العموم موضوعة للدلالة على استغراق أفراد المدلول والظهور المتحصل ببركة مقدمات الحكمة من المدخول ، لا المدلول الوضعي له ، أي لا كل ما ينطبق عليه المدخول وضعا ، وحينئذ