وإن شئت قلت : إن الاستيعاب المدلول للّفظ وضعا ، تارة : يكون مفادا بنحو المعنى الاسمي كما في ، كل ، وجميع ، وكافة ، وعموم ونحوها من الألفاظ الموضوعة لغة لنفس معنى الشمول والاستيعاب والعموم وذلك بدليل أنها تعامل معاملة الاسم كجعلها مبتدأ في الكلام. وأخرى يكون هذا الشمول مفادا بنحو المعنى الحرفي ، كما هو في هيئة الجمع المحلّى باللام ، بناء على دلالتها على الشمول والاستيعاب. إذ انّها كغيرها من الهيئات والأدوات ، فقد وضعت لمعان غير مستقلة ، إلّا انّ هذا الكلام غير تام. فإن هذا التعريف يحتمل فيه أحد وجهين.
أ ـ الوجه الأول : هو أنه إذا كان الاستيعاب مفادا بنحو المعنى الاسمي ، فإنّ تعريف صاحب الكفاية للعموم لا يتم بذلك.
بل ينبغي أن يقال في تعريفه ، بأنّ العموم هو استيعاب مفهوم لأفراد مفهوم آخر ، حيث يلحظ المفهوم الواحد مرآة لتمام أفراده ، كما لو لوحظ مفهوم «العالم» فانيا في تمام أفراده بنحو الشموليّة والبدليّة ، فيكون العام دالّا وضعا على أنّ المفهوم قد لوحظ بهذا النحو.
وقد أوضحنا في مبحث الوضع ، أنّ كل مفهوم منتزع عن الطبيعة ، لا يعقل أن يرى به إلّا ذات الطبيعة ، ولا يمكن أن يرى به كثرة أفراده ، فمفهوم «عالم» لا يرى به إلّا ذات الطبيعة ، ولا يمكن جعله عنوانا للكثرة ليرى به كثرة الأفراد ، وكذا مفهوم الكثرة ، لا يمكن أن يرى به إلّا ذات الطبيعة ـ «الكثرة» ـ ، لكن إذا أضيف مفهوم الكثرة إلى مفهوم آخر ، كمفهوم «عالم» مثلا ، حينئذ ، يكون مفهوم الكثرة حاكيا عن أفراد مفهوم «العالم» ومستوعبا له.
ومن هنا ، قلنا في بحث «الوضع» ، إنّه يستحيل الوضع العام ، والموضوع له الخاص من دون استعمال مفهوم زائد على الطبيعة التي يراد وضع اللفظ بإزاء أفرادها.
ومفهوم الكثرة ، من جملة الطبائع التي ينتزع عنه مفاهيم متعددة ، كمفهوم «كل» ، و «عامة» ، و «كافة» ، و «جميع» ، وهي وإن كان حالها حال