الفعل فلا يمكن أن تكون معروضة لحسن أو قبح ، فمثلا : عنوان ضرب اليتيم إذا انطبق على فعل الضارب بالاختيار ، يكون قبيحا ، وإلّا فلا ، وحينئذ ، على ضوء هذه الكبرى ، لو فرض أنّ الإنسان اشتبه ، فتخيّل انّ الماء خمرا ، فشربه بداعي أنّه خمر ـ كما في مورد التجرّي ـ ولكنّه كان ماء في الواقع ، فهنا إذا قيل : إنّ هذا الفعل يتصف بالقبح ، حينئذ نسأل : انّه بأيّ عنوان يكون قبيحا؟ إذ أنّ هنا ثلاثة عناوين.
عنوان شرب الخمر ، وعنوان شرب الماء ، وعنوان شرب مقطوع الخمرية ، ومن الواضح انّ هذا الفعل لا يكون قبيحا بعنوان أنّه شرب للخمر ، لأنّه عنوان غير محقق في الواقع ، بل هو ماء ، كما انّه ليس قبيحا بعنوان انّه شرب للماء ، لأنّه عنوان ليس قبيحا في نفسه ولو صدر عن اختيار وكان صادقا عليه ، ولكن مع هذا فإن شرب الماء ليس قبيحا.
وإنّما الّذي يمكن أن يتوهم قبحه من هذه العناوين هو ، عنوان مقطوع الخمريّة ، فإنّه ينطبق على هذا الفعل والفرد الخارجي ، إلّا أنّ هذا العنوان ليس اختياريا ، وحيث أنّه غير اختياري ، فلا يكون قبيحا ، إذ بتوسطه يكون الفعل قبيحا.
أمّا الكبرى : وهي ، انّ كلّ فعل لا يكون العنوان فيه اختياريا فلا يسري إليه القبح من ذاك العنوان ، فلما عرفت ، من انّ الحسن والقبح يعرض للعناوين الاختيارية.
وأمّا الصغرى : وهي انّ هذا العنوان ، وهو شرب مقطوع الخمرية ليس اختياريا ، فهذا مربوط بمبنى صاحب الكفاية (١) حيث يقول في أصوله ، انّ الفعل الاختياري هو عبارة عن الفعل الصادر بالإرادة والاختيار ، فاختيارية أيّ عنوان فرع كونه صادرا بالإرادة.
__________________
(١) المصدر السابق ، ص ١٤. كفاية الأصول : ج ١ ، ص ٢٦٠.