كل فعل كان يستلزم المحبوب والمطلوب بحيث متى ما وجد يوجد المحبوب ـ ولو من باب الملازمة العرضية ـ فهذا يكون مرادا ، وكل ما لا يكون كذلك لا يكون مرادا ، إذن فهناك فرق بين النقضين وبين محل الكلام ، أعني التجرّي ، إذن كان ينبغي لصاحب الكفاية أن يفرق بينهما.
والخلاصة هي : انّه إن فرض أنّ الخراساني «قده» لم يدّع استلزام إرادة أحد المتلازمين لإرادة ملازمه تكوينا ، فالنقوض السابقة كلها واردة عليه.
وأمّا إذ فرض أنّه يدّعي انّ إرادة أحد المتلازمين يستلزم إرادة ملازمه تكوينا ، فالنقوض غير واردة عليه ، لكن بناء على هذا الاحتمال يردّ عليه حينئذ.
أولا : عدم تمامية أصل المبنى الّذي كان المنشأ لقوله في اختيارية الفعل والّذي بنى عليه برهانه في المقام كما تقدّم في الشق الأول (١) ، فإنّ اختياريّة الفعل ليست متقومة بكونها مصبّا للشوق والإرادة كما تقدّم تفصيل ذلك.
وثانيا : بأنّ ما افترضناه قولا لصاحب الكفاية «قده» ، وهو دعوى الاستلزام بين إرادة الشيء وإرادة ملازمه ، فهذه الدعوى الّتي يدّعيها ـ وقد دفعنا النقوض عنها ـ هي في نفسها باطلة ، إذ لا موجب لافتراض كون انقداح الشوق في النّفس الّذي هو معنى الإرادة عنده لأحد المتلازمين هو موجب لانقداح الشوق للملازم الآخر كما أنكره صاحب الكفاية نفسه في الإرادة التشريعية ، فإنّ الشوق ، والإرادة الشوقية ، تابعة للملاءمة النفسية ولملاءمة الشيء مع الطبع ، وهذه الملاءمة ، قد تكون في أحد المتلازمين دون ملازمه ، فالشوق نحو كل شيء تابع لملاكه.
__________________
(١) كفاية الأصول : ج ١ ، ص ٢٦٠.