صدرت عن الفاعل بالاختيار ، أو انّه يدعي عدم صدور أيّ حيثيّة منه بالاختيار؟
فإن ادّعى انّ بعض حيثيّاته صدرت بالاختيار ، إذن فتلك الحيثيّة الصادرة منه بالاختيار ، لا محالة ملازمة لعنوان شرب مقطوع الخمرية ، وحينئذ بناء على قانون التلازم تسري الإرادة إليه أيضا ، وحينئذ يحكم بقبحه.
وإن ادّعى إنّ هذا الفعل بتمام حيثيّاته ليس تحت الاختيار ، فهذا مرجعه إلى البرهان الثالث الّذي سوف يبرهن به على عدم قبح التجري.
٢ ـ البرهان الثاني : لصاحب الكفاية «قده» أيضا معترفا بأنّه برهان غالبي لا دائمي ، وهو مركب من مقدمتين.
١ ـ المقدمة الأولى : هي انّ الالتفات إلى العنوان شرط في اختيارية ذلك العنوان ، ومع عدم الالتفات إلى العنوان لا يكون الفعل بالاختيار.
وهذا صحيح حتّى على مسلكنا ، دون الذهاب إلى مسلك الفلاسفة الّذين اشترطوا الإراديّة في الاختيار.
٢ ـ المقدمة الثانية : هي : انّ عنوان مقطوع الخمرية لا يلتفت إليه غالبا في مقام العمل ، لأنّ من يشرب مقطوع الخمرية ، ينظر إلى قطعه هذا نظرة كاشفيّة لا موضوعية ، أي نظرة آليّة لا استقلاليّة ، إذن فالعنوان الّذي هو مصبّ التفاته هو عنوان شرب الخمر ، وهذا العنوان لم يتحقّق خارجا ، وما تحقّق خارجا ـ وهو مقطوع الخمرية ـ ليس مصبّا لالتفاته ، إذن فلم يصدر منه شرب مقطوع الخمرية بالاختيار والإرادة حتّى يكون قبيحا.
وقد أورد عليه المحقّق النائيني «قده» (١) ، بأنّ القطع إذا كان لا يلتفت إليه ، فهذا لازمه ، انّ القطع إذن لا يعقل أخذه موضوعا للحكم
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ، ج ٣ ، ص ٤٤.