وعليه : فمن ناحية التقسيم لا ينبغي الاستشكال في عموم المقسم لغير المجتهد.
وعدم توفر بعض مصاديق العلم أو العلمي في حقّ غير المجتهد ، لا يجعل غير المجتهد خارجا عن دائرة المقسم ، ولا إلى تخصيص المقسم بخصوص المجتهد.
وأمّا المقام الثاني : فتحقيق الحال فيه هو ، انّ دعوى اختصاص هذه الوظائف المقرّرة بالمجتهد ، لم ينشأ من ناحية احتمال كون المجتهد قد أخذ موضوعا في لسان دليل تلك الخطابات ، باعتبار أنّ عنوان المجتهد لم يؤخذ ، حيث لم يقل الشارع ، إنّ المجتهد لا ينقض اليقين بالشكّ ، كما أنّه لم يقل : يا أيّها المجتهد «صدق العادل» ، وإنّما كانت دعوى الاختصاص باعتبار أنّ بعض القيود المأخوذة في تلك الوظائف لا تحصل إلّا للمجتهد ، فمثلا : «صدق العادل» ، وهو دليل حجية خبر الواحد ، أخذ في موضوعه الفحص عن المعارض ، وهكذا حجية الظهور ، فإنّها مقيّدة بالفحص عن المخصّص والمقيّد والحاكم ، وحجية الاستصحاب متقومة باليقين السابق ، وكل هذا من اختصاص المجتهد ، ومن هنا قد ينشأ الإشكال في كيفيّة تحليل إفتاء المجتهد للعامي ، بعد الفراغ عن أصل جواز رجوع المقلّد إلى المجتهد.
وتوضيح هذا البحث هو ، إنّنا نقول : إنّ المركوز في الأذهان ، انّ إفتاء المجتهد للعامي يكون من باب رجوع الجاهل إلى أهل الخبرة ، كالرّجوع إلى الطبيب ، وهذا موقوف على وجود واقع محفوظ مشترك بين الخبير وغيره حيث يدركه الخبير بنظره ولا يدركه الجاهل ، فيرجع إليه حينئذ ، وهذا إنّما ينطبق في باب الرّجوع إلى المجتهد فيما إذا حصل القطع الوجداني للمجتهد بالحكم الواقعي. فيفتي العامي به ولا إشكال ،