مثلا ، وما يكون في سلسلة العلل ، كالسجود بعنوان الاستهزاء بالله سبحانه ، أو التشريع ، فإنّ ذلك كلّه بملاك واحد ، هو مخالفة احترام المولى وقداسته.
إذن فهذا التفصيل لو تمّ ، فهو يتمّ فقط بين القبح الّذي يرجو إلى مخالفة حق العباد ابتداء ، كالغصب مثلا وبين ما لا يرجع إلى غير المولى كالمعصية والتجري ، فإنّه يمكن أن يقال حينئذ ، إنّ قاعدة الملازمة تطبّق هنا باعتبار إمكان تأكّد القبح باجتماع ملاكين ، أحدهما بالنسبة للمولى ، والآخر بالنسبة لغير المولى ، هذا كلّه بناء على تسليم القبح العقلي في سلسلة العلل.
أمّا إذا قلنا : انّ تمام ما يدرك النّاس قبحه في سلسلة العلل ، كما في الغصب ونحوه ، ليس قبحه إلّا من الأمور العقلائية الّتي تختلف باختلاف المجتمعات وليس أمرا واقعيا يدركه العقل ، فإنّه حينئذ لا يبقى موضوع لقاعدة الملازمة في سلسلة العلل.
٣ ـ المسلك الثالث : لإثبات حرمة التجري ، هو الإجماع. فانّه وإن لم تذكر حرمة التجري بعنوانها في كلمات الفقهاء ، لكن يستكشف إجماعهم عليها من خلال اتفاقهم على الحكم في فرعين حيث أنّه لا موجب لحكمهم هذا إلّا حرمة التجري.
١ ـ الفرع الأول : كما ذكر في رسائل الشّيخ الأنصاري «قده» (١) هو ، لو أنّ إنسانا ظنّ ضيق الوقت وجب عليه البدار حينئذ ، فلو أنّه مع هذا ، تجرأ وأهمل الصّلاة ، فإنّه وإن انكشف سعة الوقت ، وتبين خطؤه فيما ظنّ ، لكنّهم قالوا بأنّه يستحقّ العقاب ، ويعتبر آثما.
وهذا الحكم لا موجب له إلّا حرمة التجري ، حيث انّ هذا
__________________
(١) فرائد الأصول : الأنصاري ، ج ١ ، ص ٨. تحقيق عبد الله النوراني.