الأخرى وسد تمام أبواب عدمها ، بل تتوقف على عدم المائع في الدلالة الأخرى من سائر الجهات غير جهتها نفسها.
وبعبارة أخرى ، سدّ سائر أبواب العدم للدلالة الأولى من غير ناحيتها هي ، فكل من الدلالتين يتوقف على أن يكون باب العدم للأخرى مفتوحا من غير ناحيتها ، وأن يكون من غير ناحيتها الدلالة الثانية تامة ، إذن فالمناط هو في صدق الشرطية ، وهي «أنّه لو كانت هذه لكانت تلك» ، فكل منهما يتوقف على صدق شرطية من هذا القبيل ، وحينئذ يرتفع الدور في المقام ، فإنّ الدلالة الالتزامية هنا وإن كانت معلولة للدلالة المطابقية ، إلّا أنّ الدلالة المطابقية ليست معلولة للدلالة الالتزامية ، بل هي معلولة للقضية الشرطية ، وهي «أنّه لو كانت الدلالة المطابقية ، لكانت الدلالة الالتزامية» وصدّق الشرطية فعلي لا يتوقف على صدق الطرفين ، إذن لا دور.
وقد يقرب الدور بلحاظ المدلول ، أي بلحاظ نفس التنزيلين ، بأن يقال :
إنّ تنزيل المظنون منزلة الواقع يتوقف على التنزيل الثاني ، إذ بدون التنزيل الثاني ، يكون الأول لغوا ، والتنزيل الثاني هو تنزيل القطع بالواقع الجعلي ، منزلة القطع بالواقع الحقيقي ، وتنزيل القطع بالواقع الجعلي فرع القطع بالواقع الجعلي ، فلكي يكون هناك قطع بالواقع الجعلي ، لا بدّ أن يكون هناك واقع جعلي ، والمفروض أنّ الواقع الجعلي نشأ من التنزيل الأول ، إذن يتوقف أن يكون الثاني متوقف على الأول.
وهذه الصياغة مغالطة أيضا ، لأنّ صياغة بهذا النحو يمكن إجراؤها حتّى لو لم يكن المنزل في التنزيل الثاني هو القطع بالواقع الجعلي ، بل حتّى لو نزّل نزول المطر منزلة القطع بالخمرية ، فإنّ نزول المطر ليس في طول التنزيل الأول ، فحينئذ تكون صورة المغالطة بأن يقال :