التنزيل جعلا ، إذ من الواضح أنّه ليس المقصود جعل حكم آخر وراء الأول ، وإلّا للزم تعدّد الأحكام ، بل المقصود توسعة دائرة موضوع الحكم الأول ، وهذه التوسعة لم تبيّن بالدليل الأول ، إذن فتبيّن بدليل ثاني ، إذن ، فالتنزيلان ألسنة إثباتية ، لا جعول ثبوتية ، فتعدّدها من باب تعدّد القرائن المنفصلة الكاشفة عن جعل الحكم على موضوع مركب واحد ، وهذا لا مانع منه ، وليس بابه باب الجعول المتعدّدة لحكم واحد.
والحاصل : هو انّ المقدّمة الثانية ـ القائلة باستحالة الطولية بين التنزيلين لجزأي الموضوع الواحد ـ باطلة ، إذ التنزيل كما عرفت هو مجرد لسان إثباتي ، ولا يعني إسراء حقيقيّا للحكم ، إلّا بلحاظ المدلول التصديقي الجدي ، إذن ، فتعدد التنزيل ليس إلّا من باب تعدد القرينة المنفصلة الكاشفة عن جعل الحكم على الموضوع المركب.
٢ ـ الإشكال الثاني : هو بطلان دعوى الطولية بين التنزيلين في كلامه ، فإنّ تنزيل الأول ، وهو تنزيل المؤدّى منزلة الخمر ، وتنزيل الثاني ، وهو تنزيل القطع بالخمر منزلة القطع بالواقع الحقيقي ، ليس في طول تنزيل المؤدّى ، فهما ليسا طوليين ، بل بالإمكان جعلهما في إنشاء واحد ، ذلك بأن ينزل المجموع المركب من المؤدّى والقطع بالخمرية الجعلية منزلة المجموع المركب من الخمر الواقعي والقطع بالخمرية الواقعية ، وذلك بعد أن يكون المراد من القطع بالواقع الجعلي هو القطع بهذا الجعل الّذي يراد به إنشاء التنزيلين ، حينئذ يكون مرجعه إلى وجود جعل واحد أخذ في موضوعه جزءان ، أحدهما ، قيام الامارة ، والآخر القطع بنفس هذا الجعل ، وسوف يأتي أن أخذ القطع بالجعل في موضوع فعلية المجعول أمر معقول ، إذن ، فالجمع بين هذين التنزيلين أمر معقول ولا يلزم أن يكونا طوليين ومتعددين.