وبعبارة أخرى : إنّ تنزيل القطع بالواقع التنزيلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي ليس في طول تنزيل المؤدّى ، لأنّ تنزيل شيء منزلة شيء آخر لا يتوقف على وجود المنزل خارجا ، بل يتوقف على مجرد افتراضه ، فيصحّ تنزيل النبيذ أو الفقاع منزلة الخمر حتّى لو لم يوجد فقاع أو نبيذ خارجا ، إذ تنزيل القطع بالمؤدّى التنزيلي لا يتوقف على أكثر من فرض وجود النبيذ مثلا ، فمرجعه حينئذ إلى وجود جعل واحد أخذ في موضوعه جزءان ، قيام الامارة ، والقطع بنفس هذا الجعل.
أو قل : إنّ مرجعه إلى أخذ القطع بالحكم في موضوع شخصه حيث أنّ التنزيلين بلحاظ حكم واحد وإسراء واحد.
وقد عرفت وسوف يأتي ، انّه يعقل أخذ القطع بالجعل في موضوع فعليّة المجعول ، إذ الجمع بين هذين التنزيلين أمر معقول ، ولا يلزم أن يكونا طوليين ومتعددين.
٣ ـ الإشكال الثالث : هو أنّه لو سلّمنا كلتا المقدّمتين ، فمع هذا يمكن تتميم كلام حاشية الآخوند على رسائل الشيخ «قده» ، وذلك لأنّنا قلنا سابقا بأنّ الدلالة الالتزامية الّتي ادعاها في الحاشية لها أحد وجهين : فهي إمّا أن تكون دلالة التزامية عرفية ، وإمّا أن تكون عقلية بدلالة الاقتضاء.
فإن كان مدرك هذه الدلالة هو الملازمة العرفية ، من باب أنّ العرف ـ لعدم دقته ـ يرى انّ تنزيل المؤدّى منزلة الواقع يساوق تنزيل القطع بالواقع الجعلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي ، وحينئذ ، نحن لا نتكلم في مورد تكون الخمرية فيه جزء الموضوع ، ويكون القطع بالخمرية هو الجزء الآخر ليلزم الإشكال ، بل نتكلم في مورد يكون الخمر فيه تمام الموضوع لحكم واقعي وهو حرمة الشرب ، ويكون القطع بالخمرية تمام الموضوع لحكم واقعي آخر «كوجوب الإراقة» مثلا ، إذن يوجد حكمان واقعيان.