أو قل : تنزيلان مستقلان لا ربط لأحدهما بالآخر ، ويكون القطع بالواقع التنزيلي الأول بلحاظ الحكم الأول وبلا توقف على الثاني ، والقطع بالواقع التنزيلي الثاني بلحاظ الحكم الثاني ، وملاك الدلالة الالتزامية العرفية ـ وهو المسامحة وعدم الفرق بين القطع بالواقع الحقيقي ، والقطع بالواقع التنزيلي ـ إذا بني عليها ، فهي جارية في محل الكلام لأنّها نكتة خفاء المطلب ، ولأنّه لا يفرق بين أن يكون الخمر موضوعا مستقلا أو لا.
وعلى ضوء هذا لا بأس إذن بوجود تنزيلين ، ولا يلزم حينئذ وحدة التنزيل لوحدة الحكم ، وبهذا يتمّ المطلوب.
وإن كان الوجه في الدلالة الالتزامية هو دلالة الاقتضاء ، حينئذ نقول : بأنّ تنزيل المؤدّى منزلة الواقع يوجب بدلالة الاقتضاء ـ وصونا لكلامه عن اللغوية ـ أن يكون المولى قد نزّل شيئا آخر منزلة الجزء الآخر ـ وهو القطع بالخمرية الواقعية ـ لئلّا يلزم لغوية التنزيل الأول.
لكن دلالة الاقتضاء لا تعين ما هو المنزل منزلة الجزء الآخر ، وإنّما عيّنه الآخوند «قده» بالمناسبات العرفية والفهم العرفي حيث قال : «المناسب أن يكون المنزل منزلة الخمرية هو القطع بالواقع الجعلي ، وإلّا فيمكن أن يكون أمرا آخر ، وهو الظن بالواقع الحقيقي ، وبذلك يتم رفع اللغوية.
إذن هذا الإشكال الّذي يشكله منشأ من طولية التنزيلين ، وهذه الطولية نشأت من افتراض انّ المنزل هو القطع بالواقع الجعلي الّذي هو في طول التنزيل ، أمّا لو كان المنزل هو الظن بالواقع الحقيقي ، إذن لا طولية بين التنزيلين.
وحينئذ نقول : إنّ إشكال الآخوند «قده» تمام ما يبطل هو ، المناسبات العرفية ، ولا يبطل أصل دلالة الاقتضاء ، إذ عندنا دالان : دلالة الاقتضاء ، وهي تنزيل شيء ، والمناسبة العرفية تعيّنه في القطع