الحكم له معلوم بالذات ، وهو الصورة القائمة في أفق نفس العلم ، وله معلوم بالعرض ، وهو المطابق الخارجي ، فحينما نأخذ القطع بالحكم في موضوع شخص ذلك الحكم ، فتارة ، نأخذه بما هو مضاف إلى معلومه بالعرض ، حيث أنّ كل علم له إضافة لمعلومه بالذات ، وإضافة إلى معلومه بالعرض إن كان له ذلك ، أي كان مطابقا للواقع ، فأخذ القطع بالحكم بما هو مضاف إلى معلومه بالعرض ، مساوق لأخذ نفس المعلوم بالعرض في الموضوع ، وحينئذ يكون القطع والمقطوع معا مأخوذين في موضوع شخص نفس الحكم ، وهذا واضح الاستحالة ، فإنّه دور ، بل أشدّ ، لأنّه لا يحتاج إلى دوران ، إذ يلزم منه بالعبارة الواحدة توقف الشيء على نفسه ، لأنّ المفروض انّ القطع والمقطوع كلاهما أخذا في موضوع شخص الحكم ، والمقطوع هو شخص الحكم ، إذن قد أخذ شخص الحكم في موضوع شخص الحكم ، وهذا توقف للشيء على نفسه مباشرة بلا دوران ، فيكون مستحيلا.
وتارة أخرى ، يفرض أنّ العلم بالحكم يكون مأخوذا في موضوع شخصه ، لكن لا بما هو مضاف إلى معلومه بالعرض ، بل نفس العلم يكون دخيلا في موضوع العلم بالحكم ، وفي مثله ، الصياغة الفنية للدور بحسب عالم الحكم الّتي أشرنا إليها فيما سبق يكون موردا للمناقشة.
وذلك : لأنّ هذا الحكم موقوف على العلم توقف الحكم على موضوعه ، لأنّ المفروض أنّ العلم أخذ موضوعا للحكم ، فالحكم متوقف على الموضوع ، وهو العلم ، لكن العلم غير متوقف على الحكم ، فإنّ كل علم بحسب وجوده التكويني إنّما يتقوم بمعلومه بالذات لا بمعلومه بالعرض الّذي هو الحكم ، فالمعلوم في الحقيقة هو الصورة الذهنية القائمة في أفق نفس العالم ، أمّا مطابقها الخارجي ، وهو الحكم الشرعي ، فهذا لا يتقوم العلم به ، وإنّما يستحيل أن يكون العلم متقوما به ، لأنّ العلم لا يتقوم بما هو خارج أفق عالم النفس ، ولهذا قد يفرض