أنّ العلم ليس له معلوم بالعرض كما هو الحال في موارد عدم إصابة العلم للواقع ، فإنّ هناك علما لكنّه متقوم بالمعلوم بالذات لا بالعرض ، فهنا العلم بالحكم لا يتوقف على وجود الحكم الشرعي وثبوته الخارجي ، أي على المعلوم بالعرض ، بل يتوقف على صورة ذهنية لهذا الحكم الشعري ثابتة في أفق نفس العالم ، أي أنّه يتوقف على المعلوم بالذات ، إذن فلا دور ، لأنّ الحكم الشرعي بوجوده الخارجي يتوقف على العلم توقف الحكم على موضوعه ، بينما العلم ليس متوقفا على الوجود الخارجي للحكم الشرعي ، بل على صورته الذهنية القائمة في أفق نفس العالم ، وهي الّتي تسمّى بالمعلوم بالذات.
ومن هنا استشكل في محذور الدور ، ومن ثمّ صاروا بصدد التعويض عن الدور ببيان آخر يثبت الاستحالة.
وقد تمثل هذا البيان بثلاثة وجوه أخرى لتوضيح استحالة أخذ القطع بالحكم في موضوع نفسه.
١ ـ الوجه الأول : هو أن يقال : إنّ هذا المطلب على خلاف الطبع التكويني للقطع.
وتوضيحه هو ، انّ القطع ، من خصائصه التكوينيّة الكشف والإراءة ، ولا يعقل عزله عن هذه الخصوصية ، ومن خصائص هذه الكاشفية تكوينا هي أنّ القطع يري القاطع شيئا مفروغا عنه ثابتا بقطع النظر عن قطعه ، فالقطع دوره دور الكاشفية والمرآة ، فكما أنّ المرآة ترى صورة الشخص أنّه موجود بقطع النظر عن القطع ، بل هذه خصيصة تكوينيّة للقطع ثابتة بالوجدان ، وحينئذ ، إذا سلّمنا هذا الوجدان ، نقول : بأنّه إذا أخذ القطع بالحكم في موضوع نفسه ، فحينئذ هنا ، إمّا أن يحصل القطع بحكم ثابت بلحاظ هذا القطع ، وإمّا أن يحصل القطع بحكم ثابت بقطع النظر عن هذا القطع.