فإن قيل بالأول ، فهذا خلف تلك الخصيصة التكوينيّة ، لأنّ هذا معناه : إنّنا بالقطع نرى شيئا يتولّد من القطع.
وإن قيل بالثاني ، فهذا معقول ، لكن هذا غير شخص الحكم ، لأنّ شخص الحكم قد قيّد بالقطع ، إذن فنحن لم نقطع بشخص ذلك الحكم ، بل بغيره ، والقطع بغيره لا يترتب عليه شخص الحكم ، لأنّ شخص ذلك الحكم إنّما يترتب على القطع بشخصه ، إذن ، فيلزم الخلف في المقام بهذا البيان ، وهذا الوجه تام.
٢ ـ الوجه الثاني : هو لزوم اللغوية ، وذلك بتقريب أنّ شخص هذا الحكم سوف يثبت لمن يقطع به ، أي أنّه في المرتبة السابقة على ثبوت هذا الحكم ، لا بدّ وأن يكون هناك قطع به ، وحينئذ ننقل الكلام إلى تلك المرتبة السابقة ونقول :
هذا اقطع بالحكم الثابت في المرتبة السابقة ، إن كان كاف لمحركيّة العبد ، إذن لا فائدة في الحكم الّذي سوف ينشأ منه ، وإن لم يكن كافيا لذلك ، وكان المكلّف بانيا على العصيان مثلا ، إذن فالحكم الناشئ منه سوف يكون حاله حال الأول ، فلا يعقل أن يكون للحكم المترتب على القطع فائدة في مقام العمل ، لأنّه في طول الوصول ، فإن كان الوصول والقطع السابق كافيا في التحريك ، إذن فلا أثر له ، وإلّا فلا يصلح للتحريك.
وسنخ هذا البرهان ذكره السيّد الخوئي «قده» (١) في بحث التجري لإثبات استحالة أخذ القطع بالحرام الواقعي في موضوع حرمة التجري ، بدعوى : أنّ القطع بحرمة الخمر الواقعية ، إن كان كافيا في التحريك ، فلما ذا تجعل حرمة التجري ، وإلّا فحال الحرمة الثانية حال الأولى.
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٢٠.
الدراسات : ج ٣ ، ص ٢٩.