وهذا يكشف عن انّ هذا البيان مغالطة إذن.
وحلها : هو أنّه في سائر الموارد ، جعل الوجوب بنفسه هو الّذي يحقّق العلم ، فالجعل أحد العوامل المؤثرة في تكوين القطع ، ويكفي في ذلك فائدة ، فعلمنا بوجوب الفجر إنّما هو لجعله.
ونفس هذا البيان يأتي في محل الكلام ، فلو قطع النظر عن أيّ برهان وبقينا نحن وهذا البرهان حينئذ نقول : بأنّ فائدة جعل هذا الحكم هي أنّه بدونه لا يحصل القطع ، فنحتاج لتكميل هذا البرهان إلى برهان آخر.
وإن شئت قلت : انّه يرد على هذا الوجه بأن يقال :
إنّ فائدة الجعل هنا ـ كما هي فائدته في جميع الموارد ـ هي أن يصل إلى المكلّف فيحركه ، إذن ، فالجعل بنفسه منشأ يتسبّب به لإيجاد العلم بالحكم ، كيف وهذا السنخ من الإيراد لو تمّ لأمكن أن يورد به على كل جعل ولو لم يؤخذ في موضوعه العلم به ، فمثلا يقال : إنّ وجوب الصّلاة إن أريد جعله في حق العالم به فهو لغو ، لأنّه يتحرك من علمه سواء كان هناك وجوب أم لا ، وإن أريد جعله في حق الجاهل فهو لا يتحرك عنه على كلّ حال.
والجواب واحد في الجميع ، وهو أنّ المحركيّة المصححة للجعل ، هو أن يحرك في طول وصوله ، ويكون نفس جعله من علل إيصاله.
٣ ـ الوجه الثالث : هو أن يقال : انّ أخذ القطع بالحكم في موضوع شخصه يلزم منه الدور ، لا في عالم الحكم فقط ، بل في عالم وصول الحكم ، بمعنى : انّ وصول الحكم دوري ، وكل جعل للحكم يكون وصوله دوريا يكون هذا الجعل مستحيلا.
وتوضيحه يكون ببيان مقدمتين.