١ ـ المقدّمة الأولى : هي أنّ الأحكام الفعلية ، بمعنى المجعولات الّتي هي محل الكلام ، وصولها إنّما يكون بعد إحراز الجعل الكلّي بوصول موضوعاتها المقدرة الوجود ، فالعلم بالمجعول دائما تابع للعلم بموضوعه المقدّر الوجود ، كما في باب الأحكام المجعولة ، كوجوب الحج المجعول على المستطيع ، فإحراز وجوب الحج يكون بإحراز الاستطاعة ، ولا معنى لأن تحرز الاستطاعة بإحراز وجوب الحج ، إذ ليس للحكم المجعول صلاحية أن يدرك إدراكا مباشرا ، إذ هو ليس محسوسا بإحدى الحواس ، وإنّما إدراكه دائما يكون بلحاظ موضوعه ، فالعلم بالحكم المجعول معلول لموضوعه المقدر الوجود.
٢ ـ المقدّمة الثانية : هي أنّه إذا طبّقنا ما ذكر في المقدّمة الأولى على محل الكلام في الحكم الّذي أخذ في موضوعه القطع بشخصه ، يتضح لنا أنّ القطع بهذا الحكم موقوف على القطع بموضوعه كما عرفت في المقدّمة الأولى ، وموضوعه هو نفس القطع ، فينتج : انّ القطع بالحكم متوقف على القطع بالقطع بالحكم.
وحينئذ نقول : بأنّ القطع بالقطع بالحكم ، إمّا نفس القطع ، بدعوى أنّ هذا هو قانون كل الصفات الوجدانية ، فإنّ هذه الصفات كالقطع والظن ونحوهما معلومة بنفس وجودها لا بصورة زائدة عليها ، باعتبار أنّها بنفسها حاضرة لدى النّفس ، فعلمها الحصولي عين علمها الحضوري وليس زائدا عليه ، وحينئذ ، فالعلم بالقطع هو نفس وجود القطع لا شيء آخر وراءه كما هو الحال في العلم بزيد الّذي هو وراء وجود زيد.
فإمّا أن يقال هكذا ، أو يفرض أنّ العلم بالخصوص بالوجدان هو غير الوجدان ، بل هو علم حصولي ، بمعنى أخذ صورة عن هذا الوجدان ، كالعلم بالأمور الحسيّة ، فإنّ العلم بالأمور المحسوسة غير الإحساس ، فلو فرض ذلك ، حينئذ نقول :