أراد التصويب لنكتة من النكات وبنحو لا يردّ عليه إشكال العلّامة «قده» ، والحل يكون بأحد وجهين.
١ ـ الوجه الأول : هو أن يؤخذ العلم بالجعل في موضوع فعليّة المجعول ولا محذور ، لأنّ الجعل غير المجعول كما عرفت في بحث الواجب المشروط.
ومحل كلامنا سابقا هو في أخذ العلم بالمجعول في موضوع المجعول بحيث يكون متعلق العلم هو المجعول لا الجعل ، والمترتب على العلم هو المجعول ، فمتعلق العلم عين ما هو مترتب على العلم.
أمّا هنا في محل الكلام فإنّنا نقول : بأنّه نستفيد من الاثنينية بين الجعل والمجعول على ما عرفت من أنّ الأحكام مجعولة على نهج القضايا الحقيقيّة ، فالمولى حينما يجعل وجوب الحج على المستطيع ، فإنّه بمجرد هذا التشريع يتحقّق الجعل دون المجعول ، لعدم استطاعة المكلّف مثلا ، لكن إذ وجد المستطيع يصبح المجعول فعليا في حقّه ، إذن ، فالمجعول تابع لفعليّة موضوعه المقدّر الوجود ، أمّا الجعل ، فهو فعلي بمجرد الإنشاء.
حينئذ : وبعد فرض هذه الاثنينية يقال : بأنّ العلم بالجعل يؤخذ في الموضوع المقدّر الوجود ، والّذي هو موضوع المجعول ، فيقول المولى مثلا : أوجبت الحج على من كان مستطيعا عالما بجعلي هذا ، وبهذا الإعلام لا يبقى أيّ محذور ، لأنّ المترتب على العلم هو غير ما يكون مكشوفا بالعلم ، فما يكون مترتبا على العلم هو فعليّة المجعول لا الجعل ، لأنّ الجعل لا يتوقف على وجود الموضوع المقدّر الوجود كما هو واضح ، والّذي يتوقف على العلم إنّما هو المجعول ، والّذي يتوقف عليه العلم هو الجعل.