صحيح ، لكن هنا لا يلزم التردّد الثبوتي ، كما عرفت ، فإنّ المولى يلحظ هذا الموجود لكن دون أن يلحظ فيه عدم القيد أو وجوده ، إذن فلا بدّ في إثبات استحالة الإهمال في المقام من إبراز نكتة أخرى غير ما ذكر كما سنشير إلى ذلك عند الكلام على الجعل الثاني.
٢ ـ المقام الثاني : في الجعل الثاني : والّذي عوّل عليه الميرزا «قده» لأجل إيجاد نتيجة التقييد أو نتيجة الإطلاق ، ففي هذا الجعل يجعل الحكم على العالم بالجعل الأول فيكون منتجا نتيجة التقييد ، أو يجعله على المكلّف مطلقا فينتج نتيجة الإطلاق ، وهنا يعترض على ما أفاده «قده» باعتراضين.
١ ـ الاعتراض الأول : هو انّ هذا الجعل الثاني الّذي أخذ في موضوعه العلم بالحكم الأول ، إذا قصد منه التقييد ، حينئذ نسأل : انّه هل أخذ في موضوع الجعل الثاني ـ متمم الجعل ـ العلم بالجعل الأول ، أو العلم بفعلية مجعول الجعل الأول؟
فإن قيل بالأول ، فهذا تطويل للمسافة بلا موجب ، لأنّنا برهنّا فيما تقدّم على أنّ العلم بالجعل الأول يمكن أن يؤخذ في موضوع نفس الجعل الأول بلا محذور ، وبلا حاجة إلى متمم الجعل ، ومعه : لا موجب للتوسل بجعلين ، إذ يتحقّق المطلب بالجعل الأول.
وإن قيل بالثاني : فهذا لا يمكن التوصل إليه بالجعل الواحد ، لكن لا يمكن التوصل إليه بجعلين أيضا ، وذلك لأنّه إذا أخذ في موضوع الجعل والحكم الثاني ، العلم بفعلية المجعول الأول ، حينئذ نسأل ـ بأنّ هذا الجعل الأول حيث أنّ مجعوله رتّب على موضوع مهمل من حيث العلم والجهل ـ نسأل بأنّ الطبيعة المهملة هنا ، هل تنطبق على المقيّد من باب أنّ المهملة في قوّة الجزئية ، أو أنّها تنطبق على كلا الفردين ، أو أنّها لا تنطبق على شيء؟