وقد عرفت أنّ الجواب الثاني وهذه الأجوبة الثلاثة كلّها على القاعدة لا تحتاج إلى مئونة زائدة.
ثمّ انّه يمكن أن يصعّد هذا الإشكال أكثر ، بحيث يتخيّل عدم جواز عمل المجتهد المفضول برأيه ، فضلا عن إفتاء غيره.
وتوضيح ذلك : هو انّ المجتهد المفضول الّذي يوجد من هو أعلم منه ، تارة يعلم بأنّه مفضول ، وأخرى يفرض أنّه جاهل مركب من هذه الناحية ، فيعتقد أنّه الأعلم ، فإن فرض الأول ، فهنا أيضا ، تارة يفرض أنّه يوافق الأعلم في جميع آرائه ، وهذا لا كلام فيه ، وأخرى يفرض أنّه يخالفه في بعض المسائل.
فإذا فرض أنّه يخالفه ، فهنا يأتي الإشكال ، وذلك لأنّ هذا المجتهد المفضول لا يمكن له حصول اليقين بالحكم مع التفاته إلى أمرين :
الأول : إنّه مفضول.
والثاني : انّه مخالف للأعلم ، في بعض المسائل.
والوجه في ذلك هو ، أنّه في صورة مباحثته مع الأعلم ، إن فرض أنّه كان يحتمل بأنّه يقنع الأعلم ، أو أنّ أيّا منهما لا يقنع الآخر ، فهذا خلاف فرض كونه عالما بأنّه مفضول ، وإن فرض أنّه كان يحتمل بأنّ الأعلم يقنعه ، فمعنى ذلك ، أنّه لا يحصل له يقين بما يراه في نفسه ، ومعه لا يجوز له العمل برأيه ، لأنّ ما يحصل له ليس إلّا الظنّ ، وهو لا يغني عن الحق شيئا ، وإذا لم يجز له العمل برأيه ، فلا يجوز له إفتاء غيره بطريق أولى.
وهذا بنفسه يكون برهانا على وجوب تقليد الأعلم ، وإن فرض الثاني ، وهو كون المفضول جاهلا بالجهل المركب ، حيث يعتقد أنّه