وإن قيل بالثاني : فهذا معناه أنّنا لا نحتاج في موارد الإطلاق إلى الجعل الثاني ، فإنّ الجعل الأول يكون مطلقا في نفسه.
وإن قيل بالثالث : حينئذ يقال : بانّ الجعل الثاني يستحيل تحقّق موضوعه الّذي هو العلم بالمجعول بالجعل الأول ، لأنّ العلم بفعلية المجعول بالجعل الأول فرع العلم بتحقّق موضوعه ، وقد فرض أنّ موضوعه هو المهمل غير المنطبق على شيء ، إذن فلا يعلم بتحقّقه ، وعليه : فلا يتحقّق موضوع الجعل الثاني.
ثمّ انّنا نصعّد هذا الإشكال ، بناء على كون العلم بمجعول الجعل الأول مأخوذا في موضوع الجعل الثاني ، فنقول : بأنّه إذا كان العلم بالمجعول الأول مأخوذا في موضوع الجعل الثاني ، فيلزم أن يستحيل تحقّق العلم بالمجعول بالجعل الأول ، كما أنّه يستحيل فعلية المجعول بالجعل الثاني ، وذلك لأنّ المجعول في الجعل الأول قضية مهملة ، والموضوع فيه لا مطلق ولا مقيد ، والموضوع المهمل الّذي هو هكذا يستحيل أن يكون في قوّة الكليّة ، وذلك لأنّ المهملة معناها أنّه لا إطلاق فيها ، والإطلاق معناه حيثيّة السريان ، أي الحيثيّة الّتي تقتضي إسراء الطبيعة إلى تمام أفرادها ، فإذا فرض عدم الإطلاق ، فلا بدّ وأن يفرض عدم السريان ، لأنّنا إذا فرضنا أنّ المهملة كانت سارية ، وفي قوّة الكليّة ، فهذا معناه : انّ حيثيّة السريان محفوظة ، ونحن لا نريد بالإطلاق إلّا حيثيّة السريان ، إذن فهذا خلف ما فرض من عدم الإطلاق فيها ، إذن فلا يمكن أن تكون المهملة في قوّة الكليّة ، بل هي إمّا في قوّة الجزئيّة أو أنّه لا قوّة لها أصلا ، وعلى كلا التقديرين يستحيل تحقّق العلم بالمجعول الأول الّذي أخذ شرطا في الجعل الثاني.
أمّا إذا كان المجعول الأول لا قوّة له أصلا فواضح كما عرفت.
وأمّا إذا كان في قوّة الجزئيّة ، فحينئذ يقال : بأنّ معنى كونه في قوّة