إلّا أنّ هذا الجواب غير تام ، فإنّ جعل الحجيّة في صورة الشك لا استحالة فيها ، حيث أنّه لا يراد بها جعل لمجموع الاحتمالين ، لأنّ في ذلك تهافتا واضحا ، بل يراد جعلها للاحتمال المساوي بنكتة طريقية نوعية أو بنكتة نفسية كما في جعلها لاحتمال بقاء الحالة السابقة المساوي لاحتمال ارتفاعها.
والّذي ينبغي أن يقال : إنّ المراد بالظن هو طبيعي الظن ، باعتبار أنّ الشيخ «قده» في مقام فهرسة مواضيع كتابه حيث يشتمل على القطع أولا ، ثمّ الظن ، ثمّ الشك ، إذن فلا بدّ من جعل موضوع القسم الثاني الظن ، لكي يبحث فيه عن اعتباره وعدمه ، وهذا معناه : إنّ المراد بالظن في التقسيم ، هو طبيعي الظن ، لا خصوص المعتبر منه ، وعلى أيّ حال فإنّ هذه مناقشة لفظية لا أثر عملي لها.
٢ ـ الاعتراض الثاني : وهو لصاحب الكفاية «قده» (١).
وحاصله : إنّه لا معنى لتثليث الأقسام ، لأنّ التثليث مبني على كون المراد من الحكم الملتفت إليه هو خصوص الحكم الواقعي.
ولكن إرادة خصوص الواقعي بلا موجب ، لأنّ المهم لدى المكلّف هو الأعمّ من الواقعي والظّاهري.
وبناء على ذلك ، تكون القسمة ثنائية ، فيقال : إنّ المكلّف إذا التفت إلى حكم شرعي ، فإمّا أن يحصل له القطع أم لا ، والظن المعتبر والشك الّذي تجري الأصول عند حصوله داخل تحت القطع ، لأنّه بالتالي قطع بالحكم الظّاهري ، وإذا لم يحصل للمكلّف مثل ذلك ، فيرجع حينئذ إلى الوظيفة العقليّة ، حيث لا يبقى لديه حكم شرعي معلوم.
__________________
(١) درر الفوائد في شرح الفرائد : المحقق الخراساني ، ص ٣. كفاية الأصول : الخراساني ، ج ٢ ، ص ٥.