وبهذا يتضح ، انّ الأوّل يكون مدّعيا ، والثّاني منكرا ، فإذا لم تكن للأوّل بيّنة ، ثمّ حلف الثّاني على عدم البيع ، تثبت في المقام ، نتيجة الهبة بالنسبة إليه ، وتسقط إلزامات الأوّل حينئذ.
وهنا لا تردّ شبهة الأخباري ، لأنّ مالكية الثّاني للكتاب أمر مفروغ عنه حدوثا ، ومحتمل بقاء ، إذن فلا علم تفصيلي ليلزم طرحه بتطبيق تلك القواعد الشرعية.
٣ ـ الفرع الثالث : هو أنّه قال الفقهاء : إنّه لو أقرّ زيد بعين لعمرو ، حكم لعمرو بها ، تنفيذ القاعدة حجيّة الإقرار ، فلو قال زيد بعد ذلك ، إنّ هذه العين ليست لعمرو ، بل هي لخالد ، فأيضا ينفذ هذا الإقرار وذلك بأن يغرّم زيد قيمة العين إن كانت قيمية أو مثلها لخالد إن كانت مثلية باعتبار أنّها في حكم التالفة بعد أن أعطيت لعمرو ، مع أنّه يعلم إجمالا انّ أحدهما لا يستحقّ ما أخذه ، وحينئذ ، فلو انتقلت كلا العينين إلى ثالث ، فهذا الثالث يحصل له علم إجمالي بحرمة التصرف في إحداهما ، وقد ينتهي الأمر إلى مخالفة علم تفصيلي ، كما لو جعل كلا العينين معا ثمنا لعين أخرى ، فإنّه هنا يعلم تفصيلا بعدم استحقاقه لهذه العين ، وحينئذ يقال : أنّه هنا قد طرح علم إجمال منجز ، بل علم تفصيلي ، وهذا يدلّ على أنّه يمكن الردع عن العمل بالعلم.
وفي مقام الجواب هنا ذكر السيّد الخوئي «قده» (١) ، بأنّ ما ذكره الفقهاء هو على مقتضى القاعدة ، فإنّ مقتضى القاعدة هو شمول حجيّة الإقرار للإقرار الأوّل ، كما أنّ الإقرار الثّاني مشمول لدليل حجيّة الإقرار ، ومقتضى حجيّة الثّاني هو ثبوت ملكية العين للمقرّ له ثانيا ، لكن
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٦١.
مصباح الأصول : بحر العلوم ، ج ٢ ، ص ٦٥.