لدليل حجيّة الإقرار ، بل هو ادّعاء ، وعنوان الإقرار يطبق ابتداء على مدلوله الالتزامي ، وهو كونه مشغول الذمّة لخالد ، فيكون دليل حجيّة الإقرار شاملا له ابتداء ، وحينئذ ، يضمن المقر المثل أو القيمة ، ولا مانع أن يكون كلام واحد بلحاظ مدلوله المطابقي ادّعاء ، بلحاظ مدلوله الالتزامي إقرار ، والمفروض انّ الحجيّة يكون بلحاظ مقدار الإقرار ، ولا يتوهم انّ هذا على خلاف المتفق عليه من حيث تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية في الحجيّة ، وذلك ، لأنّ التبعية إنّما تكون ، في مورد تكون فيه الدلالة المطابقية حجّة ابتداء ، وبتبعها تكون الحجيّة شاملة للدلالة الالتزامية ، كما لو كان موضوع دليل الحجيّة عنوانه الإخبار ، كما في خبر الواحد ، والخبر ينطبق على الدلالة المطابقية ولا ينطبق على الالتزامية إلّا بتبع ذلك ، ففي مثله ، إذا سقط الخبر عن الحجيّة بلحاظ الدلالة المطابقية ، حينئذ نلتزم بسقوطه عن الحجيّة بلحاظ مدلوله الالتزامي ، وهنا محل كلامنا ليس من هذا القبيل ، فإنّ دليل الحجيّة من أوّل الأمر أخذ في موضوعه عنوان لا ينطبق إلّا على الدلالة الالتزامية ، إذن ، فالحجيّة من أوّل الأمر لم تشمل المطابقية ، وشملت الالتزامية ، وبهذا لم تكن حجيّة الالتزامية بتبع المطابقية ، إذ أنّه لم تكن المطابقية مشمولة لدليل الحجيّة من أوّل الأمر أصلا ، لا أنّها أسقطت عن الحجيّة.
والحاصل هو ، أنّه لا يصحّ تطبيق حجيّة الإقرار على الإقرار الثّاني بلحاظ مدلوله المطابقي كما عرفت ، وإنّما الّذي يكون مرادا من فتوى الفقهاء هو ، انّ الإقرار الثاني له مدلولان ، ومدلوله المطابقي هو انّ العين لخالد ، ومدلوله الالتزامي هو أنّه قد فوّت على خالد ماله بعد أن حكم به لعمرو ، ولهذا يكون مشغول الذمّة له فإنّ إخباره بأنّه فوّت على خالد ، أمر مشغل لذمّته ، وإلزام لنفسه بشيء ، يكون إقرارا ، هذا حاصل تخريج فتوى الفقهاء في المقام.