وسوف نتعرّض للوجوه الأخرى الّتي ذكروها لإثبات العليّة.
وما ذكرناه ، إنّما هو نموذج فقط لبيان المنهج ، ولكن منهج البحث يقتضي أن نرجع إلى الأدلة الّتي ذكرت في مقام التوفيق والجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية ، حيث أنّه قد عولج الإشكال في جعل الأحكام الظاهرية ونفي التضاد بينها ، وحينئذ ، لا بدّ من الرّجوع إلى المسلك الصحيح في تصوير جعل الأحكام الظاهرية وكيفية التوفيق بينها وبين الأحكام الواقعية ، لنرى أنّ ذلك المسلك الّذي يصحح جعل الأحكام الظاهرية ، هل يختصّ بخصوص موارد الشّبهات البدوية ، أو أنّه يشمل موارد العلم الإجمالي؟. وهل انّ مجرد العلم بالجامع في موارد العلم الإجمالي ، هل يمنع عن ذلك التوافق المبرهن بين الأحكام الواقعية والظاهرية أو لا يمنع عن ذلك ، بل يمكن التوفيق بين الواقع والظاهر في موارد العلم الإجمالي بنفس الطريقة الّتي يوفق فيها بين الواقع والظاهر في سائر الشّبهات البدوية؟.
وحتّى نعرف مدى إمكان جعل الحكم الظاهري الترخيصي في تمام أطراف العلم الإجمالي ، فلا بدّ ـ بحسب المنهجة المتقدّمة للبحث ـ من استعراض كيفية تخريج الأحكام الظاهرية ، وطريقة الجواب على شبهة ابن قبّة ، فإذا حدّدنا كيفيّة التخريج هذه ، يمكننا حينئذ أن نعرف مدى إمكان انطباقها على محل الكلام.
وهنا لا بدّ وأن نتعرّض لبعض ما ذكر في مقام الجمع ، فنقول : إنّ شبهة استلزام جعل الأحكام الظاهرية لاجتماع الضدين ، وذلك للتضاد بين الحكم الواقعي والظاهري ، هذه الشبهة ليست مستحكمة إذا لوحظ فيها عالم الامتثال ، لأنّه لا امتثال للحكم الواقعي في مورد الحكم الظاهري ، باعتبار عدم وصوله ، كما أنّها ليست مستحكمة إذا لوحظ فيها عالم الجعل ، باعتبار أنّ المجعول بما هي أمور اعتبارية لا تضاد بينها ، وإنّما تستحكم هذه الشبهة إذا لوحظ فيها عالم مبادئ الأحكام من