المصلحة والمفسدة ، والإرادة ، والكراهة ، والحب والبغض ، في فعل واحد ، فمن يقول يلزم اجتماع حكمين متضادين ، واقعي وظاهري فإن أراد اجتماعهما وكونهما متضادين بحسب عالم الامتثال ، فيمكن الجواب عنه ، بأنّ الحكم الواقعي لا امتثال له ، لأنّه غير واصل ، وإن أراد بيان التضاد بلحاظ عالم الجعل ، فكذلك يجاب عنه ، بأنّ المجعول بما هي أمور اعتبارية لا تضاد بينها ، وإنّما جوهر الإشكال هو في كيفية التوفيق بينها بحسب عالم المبادئ ، فإنّه إذا كانت هذه المبادئ الواحدة بنفسها منتجة لحكم واقعي كالتحريم ، ولحكم ظاهري كالوجوب ، فكيف يمكن التوفيق بينهما مع التضاد بينهما بحسب عالم المبادئ ، حيث انّ مبادئ التحريم هي المفسدة والمبغوضيّة ، ومبادئ الوجوب هي المصلحة والمحبوبيّة ، وهي مضادة لمبادئ التحريم ، فيلزم من ذلك اجتماع الضدين بلحاظ مبادئ الحكمين ، هذا مضافا إلى لزوم نقض الغرض ، ومن هنا كان جوهر حل هذا الإشكال أن يقال : إنّ مبادئ الأحكام الظاهرية هي نفسها مبادئ الأحكام الواقعية ، ولا مبادئ لها وراءها ، فإذا كانت نفس تلك المبادئ بنفسها نكتة جعل الأحكام الظاهرية ، كما أنّها هي نفسها نكتة جعل الأحكام الواقعية ، إذن فلا يعقل افتراض التضاد بين الظاهرية والواقعية بحسب عالم المبادئ ، وهنا يردّ سؤال :
وهو أنّه كيف يمكن أن تكون هذه المبادئ الواحدة بنفسها منتجة لحكم واقعي كالتحريم ، ولحكم ظاهري كالوجوب؟.
وقد ذكرنا في جواب ذلك ، بأنّ هذه المبادئ من حيث هي هي تنتج الخطابات الواقعية ، لكن في طول وقوع التزاحم بينها في مقام الحفظ التشريعي ، هذا التزاحم الناشئ من الاشتباه بين مواردها تنتج الخطابات الظاهرية لأجل الحفظ التشريعي.
وتوضيح ذلك ، هو انّ التزاحم على ثلاثة أقسام كما تقدّم في محله.