١ ـ القسم الأول : هو التزاحم الملاكي ، الّذي هو مصطلح صاحب الكفاية «قده» ، وحاصله : هو أنّه يوجد هناك ملاكان ، مصلحة ومفسدة في فعل واحد ، فالمصلحة تقتضي إيجابه ، والمفسدة تقتضي تحريمه ، وهذا التزاحم إنّما يكون في موضوع واحد ، ولا يعقل كونه في موضوعين ، لأنّه لو كانت المصلحة في موضوع ، والمفسدة في موضوع آخر ، فإنّه حينئذ لا مانع من تأثير كل منهما أثره ، ولا تزاحم ملاكي بينهما حينئذ ، وإنّما يقع التزاحم الملاكي في تأثير كل من المقتضيين فيما لو فرض وحدة الموضوع ، فباعتبار استحالة جعل حكمين على موضوع واحد ، فحينئذ يتزاحم هذان المقتضيان في مقام التأثير.
كما انّه من خصائص هذا التزاحم ، أنّه كما يكون بين حكمين إلزاميّين فقد يكون بين حكم إلزامي ، وآخر ترخيصي ، كما لو فرض وجود مفسدة في فعل ووجود مصلحة في آخر ، في أن يكون الإنسان مطلق العنان بالنسبة لذلك الفعل والّذي هو عبارة عن الحكم الترخيصي ، فهنا يقع التزاحم بين الملاك المقتضي للحكم الإلزامي ، والملاك المقتضي للحكم الترخيصي.
ومن شئون هذا التزاحم وخصائصه أيضا ، هو أنّ علاجه بيد المولى ، لأنّه تزاحم في مقام جعل الحكم ، والمولى هو الّذي يجعل الحكم لأنّ جعل الحكم من شئونه.
٢ ـ القسم الثاني : من التزاحم ، هو التزاحم الميرزائي (١) ، أو التزاحم بحسب عالم الامتثال ، وهذا التزاحم ، مثاله المعروف هو أن يدور أمر المكلّف بين الصّلاة ، وإزالة النجاسة عن المسجد ، حيث انّ كلا من هذين الأمرين واجب على المكلّف القادر ، وبما أنّه لا يقدر
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ٢ ، ص ٤٤.