الأصول الجارية في مرحلة ثبوت التكليف ، «كالبراءة» والّتي هي محل الكلام ، وبين الأصول الجارية في مرحلة امتثال التكليف ، كقاعدة الفراغ والتجاوز ونحوهما.
وأضاف «قده» بأنّنا نقول : إنّ العلم التفصيلي علّة تامة لوجوب الموافقة القطعية كما هو الحال في العلم الإجمالي ، وقاعدة الفراغ والتجاوز غير مانعة من هذه العليّة لأنّ قاعدة الفراغ والتجاوز تعبّدنا بالموافقة القطعية إذ مقصودنا بالموافقة هو الأعمّ من الموافقة الوجدانية ، والتعبّديّة إذ في موارد قاعدة الفراغ أيضا هناك موافقة قطعية ، إذن فالتعبّديّة هنا محفوظة ، غايته أنّها تعبّديّة ثبتت بواسطة قاعدة الفراغ ، وقاعدة الفراغ والتجاوز لا تنافي العلّية المذكورة ، وأين هذا من محل الكلام ، فإنّه في مورد العلم الإجمالي إذا جاءت قاعدة أو دليل وتعبّدنا بأنّ المعلوم بالإجمال إنّما هو في هذا الطرف دون ذاك ، فإنّا نلتزم بذلك لأنّ معنى ذلك أنّ امتثال هذا الطرف هو تعبّد بالعلم الإجمالي وامتثال له ، ويكون حينئذ موافقة تعبّديّة وهذا لا ينافي العليّة ، إلّا أنّ كلامنا في أنّه هل يجري أصل ترخيصي ينفي بها التكليف رأسا كإجراء أصالة البراءة في أحد الطرفين بحيث ينفي بها التكليف رأسا ، وليس محل كلامنا فيما ذكره ، لأنّ إجراء هذا الأصل يتنافى مع الموافقة القطعية إذ بإجرائه لا تتحقّق لا الموافقة الوجدانية ولا التعبّديّة ، إذن فالقول بعليّة العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية إنّما ينافي الأصول التكليفيّة لا الأصول الامتثاليّة.
وقد أشرنا سابقا ، إلى أنّ كلمات فوائد الأصول في المقام مضطربة ، وأنّ بعضها يناسب ما ورد في أجود التقريرات ، من أنّ تأثير العلم الإجمالي في وجوب الموافقة القطعية فرع تعارض الأصول ، وقد عرفت أنّه حينئذ لا معنى لبحثنا بناء على هذا المسلك ، وهناك بعض