وقد عرفت بطلان هذا المسلك ممّا ذكرناه ، وذلك لأنّه لا بدّ من الرّجوع إلى تشخيص موضوع حق الطاعة ، كي نعرف أنّ المتجري هل صدر منه القبيح أو لم يصدر ، فإن كان الشّيخ «قده» يتصور حق الطاعة بالتصور الثاني ، إذن ، فمن الواضح أنّ المتجري قد سلب من المولى حقّه ، ومعه فلا بدّ من القول بالقبح ، وإن كان الشّيخ «قده» يبني على التصور الثالث ، فهو «أولا» غير صحيح كما عرفت ، و «ثانيا» لو سلّم ، أيضا للزم منه القبح كما تقدّم ، فإنّ العقل يستقل بقبح الإقدام على القبح ، وقولكم بأنّ هذا القبح إنّما هو للفعل بما هو كاشف ، على حدّ قبح الظلم ، فهو قياس مع الفارق ، لأنّ هذا الفعل يكشف كشفا تصديقيا عن عدم احترام العبد لمولاه واستخفافه به ، ومن الواضح ، أنّ نفس كشف ذلك هو عبارة أخرى عن الخروج عن حريم مولوية المولى ، وهذا ظلم قبيح ، إذ أنّ موضوع هذا الكشف هو نفسه موضوع حق المولى والطاعة.
٢ ـ المسلك الثاني : وهو ما يظهر من كلمات المحقق النائيني «قده» (١) حيث ذكر انّ التجري قبيح ، لكنّه ميّز بين القبح الفعلي ، والقبح الفاعلي ، وقال بأنّ قبح التجري ليس فعليا بل فاعلي ، ورتب على ذلك الانتهاء إلى نفس النتيجة الّتي توصل إليها الشّيخ «قده» ، وهي ، أنّه ما دام قبح التجري قبحا فاعليا لا فعليا ، إذن لا يستحقّ العقاب عليه ، لأنّ استحقاق العقاب من شئون القبح الفعلي كما في موارد المعصية.
وهذا الكلام لا يخلو من غموض ، وعليه نطرح احتمالات متصورة حوله مع مناقشتها.
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ، ج ٢ ، ص ١٦ ، ص ١٧.
أجود التقريرات : ج ٢ ، ص ٣٦.