لما ذا لا يستحقّ الفاعل ، العقاب على القبح الفاعلي ، كما في التجرّي ، ما دام أنّ الفعل بما هو مضاف إليه قبيح ، فإنّه لا فرق بين القبح الفعلي والقبح الفاعلي من هذه الناحية ، فكما أنّ القبح الفعلي يستوجب العقاب ، فكذلك القبح الفاعلي.
ومنه يعلم أنّه لا وجه لتخصيص استحقاق العقاب بخصوص صدور القبيح في نفسه وبقطع النظر عن الفاعل.
٣ ـ الاحتمال الثالث : هو أن يكون مقصوده من القبح الفعلي والفاعلي. بمعنى أنّ مركز القبح الفاعلي هو نفس الإضافة والنسبة بين الفعل والفاعل. لا الفعل ذاتا ، ولا الفعل بما هو مضاف.
وبتعبير آخر : أن يكون مقصوده أنّه يتصور انّ الفاعل حينما يفعل شيئا يكون هناك ثلاثة أشياء ، فاعل ، وفعل ، ونسبة بينهما ، وحينئذ يقال : بأنّ القبح ، تارة يكون مصبّه هو الفعل بما هو منسوب إلى فاعل ، وأخرى يكون مصبّه هو ذات النسبة مع خروج الفعل عن فعليّة القبح.
وفرق هذا عن سابقه هو ، أنّه هنا : القبح الفعلي متعلق بالفعل المضاف إلى الفاعل بما هو مضاف ، لكن بنحو يشمل ذات الفعل وينطبق على الفعل المضاف بما هو مضاف ، والقبح الفاعلي متعلق بذات الإضافة ، إذن فعندنا شيئان ، إضافة ، وفعل مضاف ، فالقبح الفعلي متعلق بالفعل المضاف بما هو مضاف ، والقبح الفاعلي متعلق بذات الإضافة.
وهذا الكلام لا يردّ عليه الإشكال الأول ، لأنّ القبح الفعلي هنا ليس متعلقا بالفعل بما هو هو ، بل بالفعل بما هو مضاف ، وفرقه عن القبح الفاعلي هو أنّ القبح الفاعلي متعلق بمحض الإضافة والنسبة بلا سريان للفعل ثمّ يرى أنّ القبح في باب المعصية فعليا وفي باب التجري فاعليا.