يشرب العاصي «الخمر» ، فهنا ، هذا الفعل له عنوان أوّلي ، وهو «شرب الخمر» ، وله عنوان ثانوي ، وهو «الإقدام على المعصية» ، وفي مورد التجرّي حينما يشرب الخل باعتقاد أنّه خمر ، له عنوان أولي ، وهو «شرب الخل» ، وعنوان ثانوي ، وهو «الإقدام على المعصية» ، حينئذ ، القبح في باب المعصية متعلق بالعنوان الأولي ، فيسمّى بالقبح الفعلي ، وفي باب التجري القبح متعلق بالعنوان الثانوي فيسمّى بالقبح الفاعلي ، فهنا قبحان كلاهما متعلق بالفعل ، ولكن بلحاظ العنوان الأولي يكون قبحا فعليا ، وبلحاظ العنوان الثانوي يكون قبحا فاعليا.
ويردّ عليه أولا : أنّه لو سلّم ذلك ، لكن هذا لا ينتج مقصودكم ، وهو نفي استحقاق العقاب للمتجري ، كما ذهب إليه الميرزا «قده» (١). إذ كلامه يفترض الاعتراف بسراية القبح إلى نفس الفعل ، غايته أنّه بعنوانه الثانوي.
ومن الواضح أنّ الفعل إذا كان قبيحا بأيّ عنوان ، فقبحه مرجعه إلى استحقاق العقاب عليه ، إذن فلا محالة يستتبع العقاب والمؤاخذة من دون فرق بين أن يكون بتوسط عنوان أولي ، أو عنوان ثانوي.
وثانيا : انّه قد عرفت من تصوير المطلب سابقا ، أنّ ملاك القبح في المعصية والتجرّي واحد ، وهو «سلب حق المولى» الّذي هو متقوم بارتكاب ما يعلم بأنّه حرام ، سواء كان حراما في الواقع أم لا.
ما «شرب الخمر» ، فهب أنّه بعنوانه الأولي ليس قبيحا ، نعم فيه مفسدة ، لكن المفسدة شيء ، والقبح شيء آخر ، بل القبح الّذي هو من تبعات معصية المولى يدور مدار الظلم وسلب المولى حقّه ، وإلّا فهو ليس قبيحا بالمعنى الّذي يقصده من القبح.
__________________
(١) المصدر السابق.