عن الحق. ثم أشار لوصف آخر لهذا الشيطان المتبع ، بقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) (٤)
(كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) أي قضى على الشيطان أنه يضل من تولاه بأن اتخذه وليا ، وتبعه ، ولا يهديه إلى الحق ، بل يسوقه إلى عذاب جهنم الموقدة. وسوقه إياه إليه ، بدعائه إلى طاعته ومعصية الرحمن.
تنبيه :
قيل : نزلت الآية في النضر بن الحارث ، وكان جدلا قال الزمخشريّ : وهي عامة في كل من تعاطى الجدال فيما يجوز على الله وما لا يجوز ، من الصفات والأفعال. ولا يرجع إلى علم ، ولا يعض فيه بضرس قاطع. وليس فيه اتباع للبرهان ولا نزول على النصفة فهو يخبط خبط عشواء ، غير فارق بين الحق والباطل. انتهى.
ثم بين تعالى الحجة القاطعة لما يجادلون فيه ، بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (٥)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) أي من إمكانه وكونه مقدورا له تعالى. أو من وقوعه (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) أي خلقنا أول آبائكم ، أو أول موادّكم ، وهو المنيّ ، من تراب. إذ خلق من أغذية متولدة منه. وغاية أمر البعث أنه خلق من التراب (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) أي تولدت من الأغذية الترابية (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) أي قطعة من الدم جامدة (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) أي قطعة من اللحم بقدر ما يمضغ (مُخَلَّقَةٍ