(إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) أي ما عليك إلا أن تبلغ وتنذر. فإن كان المنذر ممن يسمع الإنذار نفع. وإن كان من المصرّين فلا عليك.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٢٤)
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً ، وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) أي وما من أمة من الأمم الدائنة بملة ، إلا مضى فيها نذير من قبلك ينذرهم على كفرهم بالله ، ويزيح عنهم العلل كما قال تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) [الرعد : ٧]. وكقوله سبحانه (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ، فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) [النحل : ٣٦].
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (٢٥)
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) أي : وإن يكذبوك ولم يستجيبوا لك ، فلا تبال بهم وتأس بمن كذّب من الرسل السالفة ، فقد جاءوهم بالآيات والخوارق المحسوسة على صحة نبوتهم ، وبالصحف المرشدة لهم إلى مسالك الفلاح والنجاح ، وبالكتاب المنير لمن تدبره وتأمله ، أنه الحق الناطق بالصواب والصدق. وليس المراد أن كل رسول جاء بجميع ما ذكر ، حتى يلزم أن يكون لكل رسول كتاب ، بل المراد أن بعض الرسل جاء بهذا وبعضهم جاء بهذا. وجوز أن يراد بالجميع واحد ، والعطف لتغاير الأوصاف.
القول في تأويل قوله تعالى :
(ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٢٦)
(ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي إنكاري بالعقوبة. وفيه مزيد تشديد وتهويل لها.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) (٢٧)