(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) لما تقرر في الفطر والعقول من استيقان ذلك. ولوضوح الدليل عليه (قُلْ) أي تبكيتا لهم (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) أي نفعه وخيره. كلا. فإنها لا تضر ولا تنفع (قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) أي في جميع أمورهم ، لا على غيره. لعلمهم بأن كل ما سواه تحت قهره.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٤٠)
(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) أي حالتكم التي أنتم عليها ، من العداوة ومناصبة الحق (إِنِّي عامِلٌ) أي على مكانتي ، فحذف للاختصار ، والمبالغة في الوعيد ، والإشعار بأن حاله لا تزال تزداد قوة ، بنصر الله عزوجل وتأييده. ولذلك توعدهم بكونه منصورا عليهم في الدارين ، بقوله تعالى : (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) أي دائم. وقد أخزاهم الله يوم بدر (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى) [طه : ١٢٧].
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) (٤١)
(إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِ) أي لأجلهم ولأجل حاجتهم إليه وافتقارهم إلى بيان مراشدهم (فَمَنِ اهْتَدى) أي بدلائله (فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها ، وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) أي لتجبرهم على الهدى. إذ ما عليك إلا البلاغ (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) [الحجر : ٩٤].
القول في تأويل قوله تعالى :
(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٤٢)