روى الشعبي والضحاك وعليّ بن أبي طلحة والعوفي ويوسف بن مهران وغير واحد عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، مثله. وبه قال مجاهد وعكرمة وقتادة والسّدّي وأبو مالك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم. وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني عن ابن عباس قال : قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوني في نفسي ، لقرابتي منكم ، وتحفظوا القرابة التي بيني وبينكم. وروى الإمام أحمد (١) عن ابن عباس أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : لا أسألكم على ما أتيتكم به من البينات والهدى أجرا ، إلا أن تودّوا الله تعالى ، وأن تقرّبوا إليه بطاعته. وهكذا روي عن قتادة والحسن البصريّ مثله. وأما رواية أنها نزلت بالمدينة فيمن فاخر العباس من الأنصار ، فإسناده ضعيف. على أن السورة مكية. وليس يظهر بين الآية وتلك الرواية في هذا السياق مناسبة. وكذا ما رواه ابن أبي حاتم أنه لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله! من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال : فاطمة وولدها رضي الله عنهم ، فإن في إسناده مبهما لا يعرف ، عن شيخ شيعي ، وهو حسين الأشقر ، فلا يقبل خبره في هذا المحل وذكر نزول الآية في المدينة بعيد. فإنها مكية. ولم يكن إذ ذاك لفاطمة رضي الله عنها أولاد بالكلية. فإنها لم تتزوج بعليّ رضي الله عنه إلا بعد بدر من السنة الثانية من الهجرة. والحق تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما ، كما رواه عنه البخاري. ولا ننكر الوصاة بأهل البيت والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم. فإنهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرا وحسبا ونسبا. ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية. كما كان عليه سلفهم ، كالعباس وبنيه وعليّ وأهل بيته وذريته رضي الله عنهم أجمعين وقد ثبت في الصحيح (٢) أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في خطبته : إني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي. وإنهما لم يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. وروى الإمام أحمد (٣) عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله! إن قريشا إذا لقي بعضهم بعضا لقوهم ببشر حسن. وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها. قال فغضب النبيّ صلىاللهعليهوسلم غضبا شديدا وقال : والذي نفسي بيده! لا يدخل قلب الرجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله. هذا ملخّص ما أورده ابن
__________________
(١) أخرجه في المسند ١ / ٢٦٨. والحديث رقم ٢٤١٥.
(٢) أخرجه مسلم في : فضائل الصحابة ، حديث رقم ٣٦.
(٣) أخرجه في المسند ١ / ٢٠٧ ، والحديث رقم ١٧٧٢.