القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٤٦)
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) أي المصدقة له (إِلى فِرْعَوْنَ) لينهاه عن الاستعباد (وَمَلَائِهِ) أي لينهاهم عن التعبّد له (فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي فأبان أنه لا يستحق العبادة غيره تعالى ، وأن ليس لأحد سواه استعباد ، لأنها حق الربوبية المطلقة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) (٤٧)
(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) فلما أتاهم بالحجج على التوحيد والبراءة من الشرك ، إذا فرعون وقومه يضحكون. أي كما أن قومك ، مما جئتهم به من الآيات والعبر ، يسخرون. وهذا تسلية من الله عزوجل لنبيّه صلىاللهعليهوسلم ، عما كان يلقى من مشركي قومه. وإعلام منه له أن قومه من أهل الشرك ، لن يعدوا أن يكونوا كسائر. الأمم الذين كانوا على منهاجهم في الكفر بالله وتكذيب رسله. وندب منه نبيّه صلىاللهعليهوسلم إلى الاستنان بهم ، بالصبر عليهم ، بسنن أولي العزم من الرسل. وإخبار منه له أن عقبى مردتهم إلى البوار والهلاك. كسنته في المتمردين عليهم قبله ، وإظفاره بهم ، وإعلائه أمره. كالذي فعل بموسى عليهالسلام وقومه الذين آمنوا به. من إظهار هم على فرعون وملئه. أفاده ابن جرير. ثم أشار إلى أن موجب الهزء لم يكن إلا لعناد ، لا لقصورها ، بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) (٥٠)
(وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) أي السابقة عليها (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) أي الدنيوي كالسنين ، مما يلجئ إلى الرجوع ، ولا أقل من رجائه (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) أي من أنه لا يعذّب من آمن