أسرع إلى العود. وصيغة الفاعل في الفعلين ، للدلالة على تحققهما لا محالة. ولقد وقع كلاهما حيث كشفه الله تعالى ، بدعاء النبيّ صلىاللهعليهوسلم فما لبثوا أن عادوا إلى ما كانوا عليه من العتوّ والعناد. انتهى ما قاله أبو السعود بزيادة.
فصل :
وأما الوجه الثالث في الآية ، قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي. حدثنا جعفر بن مسافر. حدثنا يحيي بن حسان. حدثنا ابن مهيعة. حدثنا عبد الرحمن الأعرج في قوله عزوجل : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) قال : كان يوم فتح مكة. قال ابن كثير : وهذا القول غريب جدّا. بل منكر. انتهى.
أى لأنه لم يرو مرفوعا ولا موقوفا على ابن عباس ، ترجمان القرآن. أو غيره من الصحب. إلا أن عدم كونه مأثورا لا ينافي احتمال لفظ الآية له. وصدقها عليه. لا سيما ، ويؤيده قوله تعالى في آخر السورة : (فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) مما هو وعد بظهوره عليهم. وكان ذلك يوم الفتح. وحينئذ ، فمعنى قوله تعالى : (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ) أي ما ينزل بهم يومئذ ، برفع القتل والأسر عنهم. ومعنى (عائِدُونَ) أي إلى لقاء الله ومجازاته.
فصل :
يظهر مما نقلناه عن السلف في هذه الآية من الأقوال الثلاثة ، أن هذه الآية من الآي اللاتي أخذت من الصحب ، عليهم الرضوان ، اهتماما في معناها ، وعناية في البحث عن المراد منها. حتى كان ابن مسعود مصرّا على وجه ، وعليّ وابن عباس وحذيفة على وجه آخر. على ما أسند عنهم من طرق ، ولعمر الحق! إن هذه الآية لجديرة بزيادة العناية. وهكذا كل ما كان من معارك الأنظار للأئمة الكبار. وسبب الاختلاف هو إيجار الأسلوب الكريم ، وإيثاره من الألفاظ أرقها ، وأوجزها. مما يصدق لبلاغته حقيقة تارة ومجازا أخرى. هذا أولا. وثانيا ، لما كان كثير من الأحاديث المروية تتشابه مع الآيات ، كان ذلك مما يقرب بينهما ويدعوا إلى اتحاد المراد منهما. لما تقرر من شرح السنة للكتاب ، وهذا ما درج عليه المحدثون قاطبة. فترى أحدهم إذا رأى في خبر ما يشير إلى آية ، قطع بأنه تفسيرها ووقف عنده ولم يتعده. وأما من فتح للتدبر بابا ومهد للنظر مجالا ، ورأى أن الأثر قد يكون من محمولات الآية وما صدقاتها ، وأنها أعم وأشمل ، أو إن حمل الخبر عليها اشتباه أفضى إليه التشابه. فذاك وسّع للسالك المسالك ، وفتح للمريد المدارك ، ورقاه من