رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره الخبر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. قال قتادة فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «التثبّت من الله ، والعجلة من الشيطان». وكذا ذكر غير واحد من السلف ، منهم ابن أبي ليلى ، ويزيد بن رومان ، والضحاك ، ومقاتل ، وغيرهم في هذه الآية ، أنها نزلت في الوليد بن عقبة ـ والله أعلم ـ انتهى.
قال ابن قتيبة في (المعارف) : الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية ابن عبد شمس ، وهو أخو عثمان لأمه ، أروى بنت كريز. أسلم يوم فتح مكة ، وبعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم مصدقا إلى بني المصطلق ، فأتاه فقال : منعوني الصدقة! وكان كاذبا. فأنزل الله هذه الآية. وولّاه عمر على صدقات بني تغلب ، وولّاه عثمان الكوفة بعد سعد بن أبي وقاص ، فصلى بأهلها صلاة الفجر ، وهو سكران ، أربعا ، وقال : أزيدكم؟! فشهدوا عليه بشرب الخمر عند عثمان ، فعزله وحدّه. ولم يزل بالمدينة حتى بويع عليّ ، فخرج إلى الرقّة فنزلها ، واعتزل عليّا ومعاوية. ومات بناحية الرّقة.
الثاني ـ في (الإكليل) : في الآية ردّ خبر الفاسق ، واشتراط العدالة في المخبر ، راويا كان ، أو شاهدا ، أو مفتيا. ويستدل بالآية على قبول خبر الواحد العدل. قال ابن كثير : ومن هنا امتنع طوائف من العلماء من قبول رواية مجهول الحال ، لاحتمال فسقه في نفس الأمر ، وقبلها آخرون ، لأنا إنما أمرنا بالتثبّت عند خبر الفاسق ، وهذا ليس بمحقق الفسق لأنه مجهول الحال.
الثالث ـ في قوله تعالى (فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) فائدتان :
إحداهما ـ تقرير التحذير وتأكيده. ووجهه هو أنه تعالى لما قال (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) قال بعده : وليس ذلك مما لا يلتفت إليه ، ولا يجوز للعاقل أن يقول : هب أني أصبت قوما ، فماذا عليّ؟ بل عليكم منه الهم الدائم ، والحزن المقيم. ومثل هذا الشيء واجب الاحتراز منه.
والثانية ـ مدح المؤمنين. أي لستم ممن إذا فعلوا سيئة لا يلتفتون إليها ، بل تصبحون نادمين عليها ـ أفاده الرازيّ ـ.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (٧)
(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ) قال ابن جرير : يقول تعالى ذكره لأصحاب نبيّ