للمصاحبة ، أي : حال كونه بالحقّ أو مصاحبا له لا يفارقه ، ولا تعتريه شبهة ، ولا يطرأ عليه الباطل في جميع شؤونه.
ومصدقا حال آخر ، أي : حال كونه معترفا بصدق ما بين يديه ومبيّنا له.
والمراد بما بين يديه : ما تقدّم من الكتب الإلهية ، وهي التوراة والإنجيل وغيرهما.
والتنزيل : هو النزول ، وقد تقدّم في قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٥] ، كيفية نزول القرآن ، والفرق بين النزول والإنزال الذي يدلّ على الدفعة.
والآية تدلّ على صحّة نسبة الكتب الإلهية المتقدّمة إلى الوحي الإلهي ، وصدق بعض الحقائق التي ورد فيها ، وتدلّ على ذلك آيات كثيرة ، منها قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) [سورة المائدة ، الآية : ٤٤] ، وقال تعالى : (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) [سورة المائدة ، الآية : ٤٦] ، وقال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) [سورة المائدة ، الآية : ٤٨] ، وقال جلّ شأنه : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٤٥] ، ويستفاد من هذه الآية الشريفة كثرة عناية الله تعالى بالتوراة ، لأن جميع الكتب السماويّة ـ بما فيها القرآن الكريم ـ تشترك في اصول المعارف الإلهية التي منها الدعوة إلى المبدأ جلّ جلاله وتوحيده ونفي الأضداد والأنداد ، ومنها المعاد والعدل الإلهي ، والترغيب إلى رحمة الرحمن والتحذير من الشيطان وعداوته للإنسان ، ومن عذاب الله تعالى ، كما تذكر قصص الأنبياء وما لا قوه من الظالمين في جنب الله ونصرة الله لهم ، وتبيّن قصة ابتلاء آدم عليهالسلام وإخراجه من الجنّة.